Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

سر سعادة الأسرة،الأم الأنانية!

سناء البوعزاوي

لا طالما أبهرتنا الأم المغربية بكفاءتها في العمل سواء داخل أو خارج المنزل، فهي عندما تقوم بواجباتها ، فإنها تقوم بها بتضحية كبيرةو بحذافيرها ، وعلى أكمل وجه ، لكن كما لا يخفى على الجميع،هذا التفاني في العمل يتطلب مجهودا وطاقة جبارة ، تجعل من السيدة التي تكون في كامل عطائها في بداية اليوم ، منهكة قليلة الحيلة في آخره ، و مع تكرار هاته الأشغال الروتينية ، يتسلل المللوالضعف و الضجر لهاته الأم المعطاءة ، فتصبح سلبية غير قادرة حتى على الجلوس و التحدث مع أولادها و زوجها عند دخوله من العمل متأخرا ، فتلام و تحس بالظلم في حقها بعد أن استنزفت كل قواها في تأثيث البيت و كنسهو إعداد للأكل … إلخ.
عندما نتحدث عن الأسرة و التربية دائما نصوب أنظارنا للبراعم الصغار ، بكيفية تربيتهم و تهذيبهم و التعامل معهم ، لكن في مقالنا هذا سنركز على ركيزة كل منزل ووقوده ؛ ألا و هي الأم و كيف يجب أن تكون أنانية بعقلانية ، لتجعل البيت بكل أفراده سعيدا مبتهجا ، وقوده الحب و الفرح !
حسب خبراء التربية الأسرية والتنمية الذاتية ، إذا أعطيت لطفل ورقة و قلم ، و طلبت منه أن يرسم لك بيت أحلامه ، ورسم لك أمه ، سيرسم لك أما ضاحكة ، بشوشة فرحة ، ففي النهاية ما سينشأ بهطفلك و ما سيبقى عالقا في مخيلته هو طريقة تعاملك معه ، و ذكريات جو المنزل الذي كنت توفرينه للأسرة ، فحلم كل طفل أن تكون أمه سعيدة عند استقباله من المدرسة و عند استيقاظهكل يوم ، فليس المهم أن تعدي أفضل الأطباق ، و أشهى المأكولات ، وتقدمينها له في الأخير بعنف لفظي ، إذا لم يأكل ، وتسترسلين بسرد كل المجهودات التي قمت بها لطبخ طعامه ! فالمهم هو الكيفية و ليست الكمية , فالطفل محتاج للحنان الذي ستقدمينه له مع كل وجبة، محتاج للحضور الكامل الجسدي و المعنوي ، لأنهبعد طول الساعات التي يقضيها في الروضة أو المدرسة محتاج لك و لوجودك ، محتاج أن تشاركيه في اللعب أو لربما يريد فقط أن تنصتي له ليحكي لك عن يومه في المدرسة يفصح له عن موقف إيجابي أو سلبي مر به خلال اليوم . هذا كله بالطبع يحتاج طاقة وجسدا مرتاحا غير منهك ، وهذا لا يمكن أن يتأتى ، إذا كان للسيدة روتين مشابه لما ذكرناه أعلاه ، فالكمال لله وحده ، لا يمكن للفرد أن يلم بكل الأمور بصورة كاملة و شاملة فالإنسان يبقى إنسانا ، يحتاج إلى متنفس ومحطات الراحة بين الفينة و الأخرى ،ليكمل المسيرة .
لذا يجب على الأم أن تكون أنانية! نعم يجب على الأم أن تحب نفسها وتسعدها لكي تنتج السعادة في بيتها ، فكما يقول المثل الشهير، “فاقد الشيء لا يعطيه” ، فلا عيب أن تعطي الأم قسطا من الوقت لنفسها لتشحن “بطاريتها” الطاقية لتستقبل بها أطفالا مشتاقين لها ، ولطبخها ولكلامها و لودها وحنانها ولو على سبيل المثال ، لم يستسغ أحد أطفالها طبقا ما أو مشروبا أعدته له لن تستشيط غضبا وتبدأ بسرد معاناتها ، وتضحيتها والوقت الذي قضته وهي منشغلة بأعباء المنزل ، بل على العكس ، سيكون مزاجها عاليا لدرجة أنها ستغير له الطبق أو ستقوم بتحسينات طفيفةعليه ليعجبه أكثر ويتقبله ، كل هذا بابتسامة وتفهم ، لأنها مستعدة نفسيا و جسميا ، لأطفالها لتقبل أي ملاحظة ، وأي تصرف معقول .
فالوقت الخاص بكل سيدة ، هو جزء لا يتجزأ من سعادة البيت ككل ، ومن الضروري جدا أن ينتبه الزوج لهذا الأمر و يقترحه عليها لأنه في نهاية المطاف سيعود عليه بالنفع فمن المهم أن توفر الزوجة لنفسها مساحة خاصة ،جسدية ونفسية ومادية و فكرية ، مساحة تطوقها بالأظافر و الأسنان ، ترسم لها حدودا لا يتجرأ أحد على تخطيها أو تعديها. ويتأتى هذا فقط بتنظيم الوقت، فيكون خلال اليوم أو الأسبوع، أوحتى في الشهر ، وقتي ، ثم وقت أسرتي! فهذا لا يضرالبتة بالنظام العائلي بل على العكس، هذا،النهج ينتج أما إيجابية كلها طاقة وحب تضفيه على عائلتهاولا تكون كالشمعة التي تحترق وتنطفئ لتنور البيت فالأمومة واجب، ودين يجب أن يسدد ، وأنت من تختار الكيفية و الصيغة المناسبة لتسديده .
وتفاديا لبعض التأويلات و القراءات الخاطئة ، لا نعني بإعطاء الوقت و الحيز للأم ، إهمالها أو تركها البيت لفترة ، أو أن تكون أما نرجسية ، بل على العكس ، فالأنانية من منظور آخر هي دليل على الحب الكبير و اللامشروطللأطفال من طرف الأم ، فأن تريدي أن يكون طفلك مميزا في القسم و الأول في الصف ، فهذا نوع من الأنانية ، أن تشتري لإبنك أو ابنتك عند المقدرة أحسن لباس في العيد فهذا نوع من الأنانية ، أن تتفاني في أن تقدمي له أحسن تربية لكي يضرب به المثل في العائلة هاته كذلك أنانية ، فهاته الكلمة كمثل العديد من المصطلحات، عملة ذات وجهان ، ومن البديهي أن الأم المغربية ستستعملها بالفطرة التي حباها الله بها بالوجه الصحيح و الإيجابي .

Exit mobile version