Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

“سعادة” العيد..

محمد عفري
ها أنت يا عيد حللت أهلا وسهلا ومرحبا، واللعين كورونا في حوله الثاني يصول بيننا، ويجول، يصيب بالعدوى ويفتك بالأرواح، وصحّ فيك قول ما نظمه المتنبي عن عيده، وهو مغترب، يعاني من فظاظة سيف الدولة في العراق، وشح كافور الإخشيدي في مصر؛ عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدْتَ يا عِيدُ، بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ..

ها أنت “سعادة” العيد المبارك حللت، وسعادتنا المعتادة بك وفيك، صادرها منا الخوفُ من كورونا واختطفها منا التأسي حرقة على مَنية قريب أو أخ أو شقيق أو والد أو فلذة كبد أو صديق، ونالتها منا قلّةُ الحيلة واليد أمام رقُود المستشفيات ومحجوري الفنادق والبيوت، كما نالتها منا الحسرةُ على فقْد منصب شغْل وحِدّة ضائقة جيْب وظنك عيش، وكيف للسعادة أن تحلّ “سعادة العيد” وأسعار أكباش الأضاحي ملتهبة والغث منها يساوي الأجر الشهري لكادح أو يزيد، والسمين مجرد مَحاسِن نَظْرة خاطفة، يشتهيه الخاطرُ ولا تستطيعه قدرة.. و”المغرب الأخضر” في توجهاته التي أنزل من أجلها، مجرد خطاطات لا تفي، تضمن الوفرةَ في الرؤوس ولا تضمن للمواطن كرامة في مناسبة عابرة، اختزلها البارئ في يوم واحد من حوْل كامل، والتكافل بمفهوم التضامن و”التضحية” وأجر شعيرتها غاب واندثر، والانتخابات في مراحلها الأخيرة على أوْجها مستعرة، بين واعدٍ وما وعدَ، وطامحٍ مستعدّ لبيع الولد قبْل بيْع الذمة مقابل حمَل وديع أو ريْع زهيد لا يتعدّى شغلا موسميا أو وجبة غذائية أو حاجة يراها المحتاج “إكسيرا”، أو قفّة مؤونة شهرية أو رمضانية، أو ورقة نقدية زهيدة، لا تغني ولا تُسمن من جوع..
بأي أمر عدتَ سعادةَ “كبير” الأعياد؛ على حدّ تعريفنا المغربي وتقديرنا لوِزْرك الاجتماعي الثقيل؛ وإخواننا من أبناء جلدتنا، في كُبريات المدن وصُغراها، استسلموا للتراخي في التدابير الاحترازية ضد اللعين كورونا المستجد وسلالاته المتحورة، وسلّموا في التباعد الاجتماعي في الشوارع والأسواق ووسائل النقل، واسترخصوا في أنفسهم الكمامات واستصغروا مسافة الأمان وفرطوا في النظافة، وساحوا في الشواطئ والمنتزهات والفضاءات، وتكدّسوا في مآدب الجنائز وملذات الأفراح زرافات. كيف للسعادة سعادة العيد المعظّم أن تحل والمتحور “دلتا” الذي يضرب ولا يبالي، على بعد كيلومترات معدودة منا في أوروبا، وصِنْواه “ألفا” و”بيتا” اللذان يأتيان على اليابس والأخضر؛ حلوا بالثلاثة بين ظهرانينا، والمستشفيات ملآى والأسِرة في أعدادها محدودة وجهود الأطباء والممرضين وباقي الأطقم استُنزفت وآخر الأرقام تؤكد إصابة أكثر من ألفي مواطن بالعدوى في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة (الأربعاء 14 يوليوز 2021)، ومعدل الوفيات يفوق العشرة أو يقاربها كل يوم، وعدد الموبوئين في حالات حرجة في ارتفاع مهول، والمستسلمون للتنفس الاصطناعي بالأعداد، والأجهزة الخاصة، على قلتها، في نفاد.
أي تجديد عدتَ به يا عيد وأسواقنا وفضاءاتنا التجارية يعمّها، كالمعتاد، الازدحامُ، تخال من رواجها الطلبَ يفوق العرض، والعرضُ رغم ارتفاع الطلب على السلع كافٍ ويزيد، والضحية هو المواطن “الآثم” الذي يستسلم لقانون المضاربة والمزايدات، نصيبه الزيادة في السّعر والغش في السلعة.
أي عيد وأي سعادة “سعادة العيد” والبيئة من الآن تشتكي. العابثون بها شمروا على السواعد ودنسوا في حلهم وترحالهم الأزقة والشوارع والأسواق الموسمية العابرة للأحياء، ويا حرقتي على ما ينتظره رجالُ النظافة الأشاوس أكثر مما تنتظره البيئة، من حرب، اشتدّ وطيسُها من الآن، إلى العاشر من ذي الحجة، ضد النفايات ومخلفات بني الإنسان في هذا العيد..

Exit mobile version