نعتذر بداية للفلسطينيين، الذين توسم قضيتهم بالشتات، كي نستعملها في وصف حزب سياسي له أبناء كثيرون مشتتون، وأغلبهم لم يلتحق بأحزاب أخرى. لا يمكن أن ننكر أن الاتحاد الاشتراكي شكل قوة سياسية ذات حمولة اجتماعية، لكن ما يعيشه الآن لا يعبر عن حقيقته التاريخية والواقعية، وكل من يطلب منه أكثر مما يحتمل فهو لا يعرف ما وصل إليه الآن، فكثير ممن اعتبروا وجوده في المعارضة ضمانة لتكون قوية، قد لا يفهمون أن وضعه الحالي لا يحتمل سوى الوجود في الحكومة لأن هذه رغبة صغيرة لبعض قادته.
خروج الاتحاد الاشتراكي للمعارضة كدخوله للحكومة لن يغير اليوم شيئا لأن النفوذ هو اقتدار بينما ممارسات اليوم توحي بأن هناك من يريد الدخول للحكومة بأي ثمن حتى لو لم ينادي عليه أحد. بالنسبة للمواطن لا يفرق موقعه اليوم، لأن الحزب لا يتوفر على الاقتدار اللازم لممارسة النفوذ تجاه الحكومة وتوقيف مسارها خصوصا وأنها مكونة اليوم من “تجمع مصالح كبرى” قد يشكل خطورة على البلاد.
لكن موقعه من الحكومة والمعارضة يهم أبناءه. فإن هو دخل للحكومة سيتمكن من تحقيق مغانم للبعض لكن سيبقى كما هو عليه اليوم، عنوانا كبيرا لكن تائها وعائما في غياب من يدل عليه، وستستمر القيادة الحالية في تدبيرها، وسيبقى هذا العنوان كما كان تتراكم فوقه طبقات الصدأ ويفقد قيمته، بل سيصبح مكملا للأغلبيات، بينما كان يقود الأغلبية التي لا تجد من يمثلها في المؤسسات، ويقاوم من أجل حماية مصالحها، ويشهد له الجميع بالوقوف سدا منيعا لصد زحف الليبرالية في عهد الراحل المعطي بوعبيد لما كان وزيرا أول وأدى الثمن غاليا، لكن بدخوله الحكومة اليوم لن يكون سوى داعما لتجمع المصالح الكبرى الذي سيقود الحكومة وبالتالي سيكون شاهد زور.
كما أن وجوده في المعارضة لن يكون له كبير أثر اليوم، لكن سيكون وسيلة لجمع شتات الاتحاد الاشتراكي، حيث أغلب الاتحاديين الآن هم خارج “مؤسسات” الحزب، ويمكن جمع هذا الشتات عن طريق الحوار وعن طريق تطوير النقاش حول أرضية النضال الاتحادي وضرورته المجتمعية، ويمكن للمؤتمر القادم أو أي صيغة أخرى أن تكون وسيلة لإعادة ترتيب بيت الاتحاديين، وجمع ما تفرق منهم عبر الآفاق، حتى أن كثيرا من المناضلين الأشاوس لا يذكرنا بهم إلا الموت، حيث نقرأ نعيهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
بعض المحيطين بإدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، سيقولون لنا: ما دخلكم أنتم؟ يريدون أن يعرفوا الذي “أدخل كرموستنا في شريط الاتحاد” هو أن هذا حزب يمثل نضاله جزءا من تراث المغاربة السياسي والثقافي، كما أننا باعتبارنا مواطنين مغاربة نريد أداة قوية نحتمي بها من “غول” تجمع المصالح الكبرى، الذي يشكل الحكومة المقبلة برئاسة عزيز أخنوش، والعتب ليس على التجمع لأنه جاء للسياسة لتحقيق مصالحه، لكن العتب على من تخلى عن الشعب في لحظة حرجة.
شتات الاتحاد الاشتراكي
