Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

شريط سياحي رائع.. لكن ! !

محمد عفري
تشدقتْ وزارةُ السياحة والمؤسسات المنضوية تحت لوائها من مكتب وطني للسياحة وكنفدرالية وطنية للسياحة بخارطة طريق جديدة تروم استقطاب 26 مليون سائح أجنبي في أفق 2030، دون الهمس بِبِنْتِ شِفَة عن السائح المغربي وإمكانية استقطابه ودَوْره في تقوية الوعاء السياحي وتشجيع السياحة الداخلية.
بطبيعة الحال، لا يهم وزيرة السياحة من “السّواح” الأجانب ومن معهم من مغاربة العالم، إلاّ ما يضخُّون بالعملة الصعبة إلى صناديق المطارات والفنادق والمطاعم والمنتجعات السياحية وفضاءات الاصطياف الترفيهية المصنفة، وبالتالي إلى خزينة الدولة، التي تكلفها أجورُ الوزيرة التجمعية، فاطمة عمور، وباقي الوزراء والبرلمانيين ملايير الدراهم، على أساس شهري، دون أن تكلفها الطبقات الكادحة “المسحوقة”، إلاّ النزر القليل، في ظل حد أدنى للأجور(سميكَ)، ظل هزيلا ثابتا لسنوات، وأجور أكثر هزالة، لا تفي بمواجهة المعيشة حتى، فالأحرى أن يتبقى من هذه الأجور ما يفيد في السياحة.. فالمواطنون/ “السواح الداخليون”، الذين أنهكتهم أسعارُ حكومة أخنوش على غرار إنهاك قدراتهم الشرائية على عهد كل حكومات المغرب المستقل، لا يمثلون لوزيرة السياحة والاقتصاد الاجتماعي والتضامني إلا عالة إضافية في فصل الصيف، تُشوّه، بنظرها، رونق جمالية المغرب من بوغازه إلى صحرائه، ولا غرابة إن اجتهدت السيدة الوزيرة يوما في الدفع بمشروع قانون يفرض على المواطنين المُكوث في بيوتهم أو تجميعهم في مراكز للإيواء وقت ذروة السياحة الصيفية بالمغرب، بمفهوم “حجر فصلي – صيفي”، حتى “يستباح” المغرب فقط لأصحاب الدولار والاسترليني واليورو والريال والدينار والليرة.
من حق الوزيرة التجمعية التي تستمد فكرها من أخنوش رئيس “تجمع المصالح الكبرى” ألا تفكر في السياحة الداخلية والسائح المغربي داخل تراب مغربه الحبيب، وهي التي تعيش مع باقي مؤسسات السياحة الوطنية على وقع النتائج المبهرة التي تحققت هذا الصيف، مؤشرة على الانتعاش السياحي المستمر لما بعد كورونا على أساس “دولي”. لكن ليس من حقها أن تصمت أو تتواطأ عن التدني الرهيب لمستوى شريط سياحي رائع يمتد من مدخل أصيلة عبر العرائش بجوهرتها اللوكوس، إلى بحيرة “المرجة الزرقاء” المطلة على المحيط بـ”قرية” مولاي بوسلهام، شمال القنيطرة، وهي المحمية البيولوجية العالمية، المصنفة وفق اتفاقية “رامسار” الدولية للمناطق الرطبة، والأكبر استقبالا للطيور المهاجرة المقبلة من أوروبا كمحطة أولى بشمال المغرب، لكنها تعاني من القسوة الآدمية المتمثلة في الإهمال الممنهج للسلطة والمنتخبين ووزارة السياحة و”مؤسساتها” المنضوية تحت لوائها، أكثر من قسوة الطبيعة عليها في زمن التغير المناخي..
يحز في النفس أنك تغادر في اتجاه الجنوب مدينة طنجة “عروس الشمال” اسما ومضمونا، على وقع الخُضرة والنظافة في جميع الشوارع والأزقة من النواصي إلى الأعماق والمدارات والأرصفة، وعلى وقع الطبيعة الخلابة والبيئة المتنوعة بين الجبل والبحر المتوسط والمحيط الأطلسي في التقائهما عند “رأس كاسبارتيل” حيث شاطئ “باقاسم” الجميل، مرورا بشاطئ “اشقار” المبهر بإطلالته على كهف “مغارة هرقل” وعلى السواحل الإسبانية، لتنحدر مكرَهًا إلى تَدَنٍّ “سياحي” يخدش الرؤية. ترافقك الطبيعة الخلابة في اتجاه أصيلا بين الجبل والسهل والمنحدر والنهر والشاطئ، ليطل عليك نهر تاهدارت الذي يتأثث بالمحطة الطاقية لتاهدارت، الأولى في توليد الكهرباء بإفريقيا، لكن ما إن يجذب ناظرَيْكَ جمالُ وادي غريفة عند أقواس بريش، شمال أصيلة ببضعة كيلومترات، حتى تجد أمامك أطلالا من مَبانٍ وصروح عمرانية إسمنتية لمشاريع سياحية “متوقفة” ومهجورة.. ذلك مدخل مدينة أصيلة التاريخية السياحية البهية التي أخذ منها الإهمالُ مأخذَه ونالت من صفاء بيئتها الروائحُ الكريهةُ، يبقى الكورنيش أقلَّها وشاهدا عليها، وهي تنبعث من روث وبول أحصنة المركبات التي سُمِّيتْ عبثًا عربات سياحية. مدينة المهرجان الدولي للثقافة الذي بات يستقطب على عهد وزير الخارجية الأسبق محمد بنعيسى كبار المثقفين والأدباء ومشاهير الفن والسياسة، أصبحت مدينة تسترعي اهتمام وزيرة السياحة بدرجة أولى، ووزراء الماء والتجهيز وغيرهم وتكاثُف جهود السلطات والمنتخبين لعودتها إلى مكانتها الطبيعية؛ سياحية، على مدار العام، شأنها شأن “المرجة الزرقاء”.

Exit mobile version