Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

شَبَح الانفصال قادِم ويهدِّد بتفكُّك الدّول الغربية

محمد فارس
في سنة (1988) ألقى جلالة الملك [الحسن الثاني] طيّب الله ثراه خطابًا قال فيه إنّ هذه الدّول التي تتلكّأ في الاعتراف بوحدتنا التّرابية واسترجاعنا صحراءَنا المغتصبة، سوف تعاني هي كذلك من نزعات انفصالية سوف تهدّدُ وحْدتها الترابية؛ واليوم، بدأتْ تبرزُ نزعاتٌ انفصاليةٌ هنا وهناك، وترتفع أصوات حتى من داخلِ برلمانات بعض الدُّول الأوروبّية مطالبة بالانفصال صراحةً، ومنها من عرف مسيرات في الشّوارع رغم التّعتيم الإعلامي الرّسمي الذي يحيط بهذه المظاهرات وخلال هذه المقالة، سوف نستعرض أهمّ النّزعات الانفصالية المعبَّر عنها صراحةً في العالم، وخاصة في [أوروبّا]، وسوف تزداد هذه المطالبُ الانفصاليةُ حِدّةً خلال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها القارّةُ العجوز بسبب الحرب الأوكرانية الرّوسية، وستدرك [أوروبّا] أيَّ خطإ كانت ترتكبه تجاه [المغرب] باستضافتها الانفصاليين، والغموض الذي كانت تتّسم به مواقفُها تُجاهَ وحْدتنا الترابية؛ وإليكم الآن جردًا لهذه النّزعات الانفصالية، التي تزدادُ حدّةً يومًا بعد يوم..
في [الولايات المتّحدة الأمريكية]، تعالتْ أصواتٌ انفصاليةٌ تطالب صراحةً بانفصال ولاية [تكساس]، وقد عبّرت الحكومةُ المحلّيةُ في [دلاس] عن ذلك، كما تَحدث (سيناتور) [تكساس] في [الكونغريس] عن رغبة السّكان في الانفصال؛ و[تكساس] هي ولاية كبيرة، تزخر بالثّروات، والمواردِ الطّبيعية، والنّفطِ، وسكّان الولاية يطالبون بالانفصال حتى تبقى ثرواتُ [تكساس] لسكان [تكساس]، وهذه النزعة الانفصالية تتزايد وتُنْذر بما لا تُحمَد عقباه.. ومعلوم أنّ ولاية [تكساس] هي من ولايات الجنوب، والجنوبُ يكنُّ عداءً مُسْتَحكمًا للشّمال منذ الحرب الأهلية الأمريكية، والكلُّ يعْلم أنّ رؤساء الولايات المتحدة كان معظمهم من الشّمال، وأربعة منهم فقط كانوا من الجنوب؛ والرّئيسُ الأمريكي [كينيدي] الذي اغتيل سنة (1963) تمَّ اغتيالُه في [دلاس – تكساس]، وقد حذّرتْه زوجتُه [جاكلين] من تلك الزّيارة ولكنّه أصرّ على ذلك؛ وإذا أفلحتْ [تكساس] في الانفصال فسوف تَتْبَعُها ولاياتٌ أخرى..
[ألمانيا] هي الأخرى تعْرف مطالبات انفصالية جادّة وتتمثّلُ هذه النّزْعةُ الانفصاليةُ في مقاطعة [بڤاريا] المعروفة بجمالها، وروعة مناظرِها الطّبيعية، ممّا يجعلها قبلةً لِلسّياح، بالإضافة إلى ثرواتِها الطّبيعية وكثرة مصانعِها ووفرة معامِلها، وقد كانت منذ زمنٍ بعيد دولةً مستقلّة، وهي الآن تتمتّع بالحكم الذّاتي، وبحكومة وببرلمان محلِّييْن وبحاكمٍ يتمّ انتخابُه، وفي الآونة الأخيرة، بدأتْ [بڤاريا] تطالبُ وبصراحة بالانفصال عن [ألمانيا]، وقد نُظِّمت احتجاجات، ومظاهرات في هذا الشّأن رغم التّعتيم الإعلامي الذي تنهجه الحكومةُ المركزية، و[بڤاريا] تُعْرف عادةً بعاصمتها [ميونيخ]، فهل تنجح في محاولة الانفصال عن ألمانيا؟ [إسبانيا] هي كذلك لا تمثّلُ استثناءً في النّزعات الانفصالية التي تهدّد الدّولَ الأوروبية، وهذه الدولة تعاني من حركة انفصالية في إقليم [كتالونيا]، ومعلوم أنّ للكتالونيين علَمَهم الخاصّ الذي يرفعونه خلال الـمُظاهرات الـمُطالِبة بالانفصال عن [إسبانيا]، ومعلوم أن هذا الإقليم كان تابعًا لفرنسا تاريخيًا، وأنّ العربَ همُ الذين انتزعوه من [فرنسا] وأعادوه إلى [الأندلس] خلال الفتح الإسلامي لشِبه القارّة الإيبيرية، ورغم القمع الذي تمارسه [إسبانيا] فإنّها لم تستطع كبْحَ جِماح الـمُطالبين بالانفصال..
[إيطاليا] بدورها لم تَسْلم من الحركات الانفصالية المتمثّلة في سكّان مقاطعة [بدَانْيا] الذين يطالبون بالانفصال عن [إيطاليا]، ويُنفون كوْنهم إيطاليين.. [بريطانيا] عرفتْ خلال تاريخها عدّة عمليات انفصالية حتى تقزَّمتِ الإمبراطورية التي لم تكُنْ تغرب عنها الشّمس، وآخر عملية انفصال، هي تلك التي قامت بها [بارْبادوس] سنة (2021)؛ والآن، تُطالب [إسكتلندا] و[إيرلاندا] بالانفصال عن التّاج البريطاني، وسينظّم استفتاءٌ سنة (2023) بهذا الخصوص في [إسكتلندا].. [بلجيكا] هي كذلك تعْرف نزعةً مطالبةً بالانفصال في إقليم [فلاَنْدر]؛ أمّا [فرنسا] التي يستقبل برلمانُها أعضاء من الانفصاليين الذين تدْعَمُهم [الجزائر] في صحرائنا المسترجعة، فواقعُها أكثر خطورة، وسوف تندم [فرنسا] لا محالة على ما تفْعَله اليومَ وهي التي تَعرف انفصاليين في جزيرة [كورسيكا]، وفي [كاليدونيا الجديدة]، وفي [لامارتينيك]، وفي [غُويانا] من حيث تُطلَقُ صواريخُ [أريان] الفرنسية، وهذه المناطق كلُّها تعْرف نَزعات مطالبة بالانفصال عن [فرنسا]، وسوف تزداد حدّةً في خضمّ الأزمات التي تعانيها [فرنسا] بعد الحرب الرّوسية الأوكرانية؛ إنّ [أوروبّا] الآن، دخلتْ مرحلة الخَرف بعدما زجّت بها [أمريكا] في حربٍ لم تَكُنْ تعنيها لا مِن بعيد ولا من قريب..

Exit mobile version