لم يكن المشهد عاديًا في ملعب محمد الخامس، بل كان صفعة على وجه الوعي، حين تسللت صورٌ لمشجعين في وضعية إعاقة وهم يحاولون، بكل ما أوتوا من إرادة، متابعة مباراة فريقهم الوداد الرياضي. لا من المنصة الشرفية، ولا حتى من مدرج بسيط، بل من بين الأجساد المتزاحمة، والأرجل المتراكبة. كانت أعينهم تتشبث بلقطة، بتمريرة، بفرصة، من نافذة ضيقة لا تحفظ لا كرامة ولا حقًا.
المشكلة لم تكن في الجمهور، فهؤلاء يندفعون وراء الشغف، وقد تغيب عنهم لحظة انتباه لهؤلاء الرفقاء في المواطنة. لكن المسؤولية الكبرى تقع على من خططوا، وصرفوا، وأشرفوا على ترميم ملعب صرفت عليه الملايين، دون أن يخطر ببالهم أن كرة القدم ليست حكرًا على الأصحاء.
فهل يعقل أن ملعبًا بهذا الحجم، في مدينة القلب النابض لكرة القدم، لا يضم مرافق تليق بذوي الإعاقة؟ كيف يمكن الحديث عن رياضة شعبية ودمقرطة في الولوج، ونحن لا نمنح الحق في الجلوس الكريم، والمشاهدة المحترمة، لمواطنين لا يطلبون إلا الإنصاف؟
قبل أيام قليلة، وخلال ندوة في بني ملال حول الديبلوماسية الرياضية، اقترب مني شخصان في وضعية إعاقة، أعرفهما عن قرب، أحدهما أستاذ، والثاني باحث في سلك الدكتوراه. سألانني: “هل سنتمكن يومًا من دخول الملاعب دون أن نشعر بأننا عبء على المكان؟”. جاوبتهما، ربما بحسن نية، أن الملاعب الجديدة التي ستستضيف كأس العالم ستكون مطابقة لشروط “الفيفا”، وستحترم كرامة الجميع.
لكن ماذا عن باقي ملاعب الوطن؟ تلك التي لن تصلها عدسة الفيفا ولا لجانها؟ ألا يحق لهؤلاء أن يشاهدوا فرقهم بنفس الكرامة التي نشاهد بها؟ بل، هل قانون 10-03 المتعلق بالولوجيات يُستثني الملاعب بحكم أنها أماكن “عمومية” ولكن ليست “إدارية”؟
وإذا فتحنا ملف التنقل، فحدّث ولا حرج: أرصفة مائلة أكثر من اللازم، وممرات أقرب إلى الفخاخ، وولادات مشوهة لولوجيات لا تصلح حتى للعبور، فكيف لمن على كرسي متحرك أن يستعملها؟
هي قصة صورة، لكنها تختزل حكاية كرامة موؤودة، وقانون يُنتهك في صمت. فهل من مجيب قبل أن تُبتر الثقة نهائيًا؟