Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

صياغة الفضة بتزنيت.. حينما تصمد أنامل الصائغة التقليدية في وجه الجائحة

 تفننت أنامل الصائغة التقليدية بتزنيت في صياغة الفضة، المعروفة عند المغاربة “بالنقرة”، وفق منهجية تقليدية توارثت عن الأجداد، إذ لم تثنها جائحة كوفيد-19 عن مواصلة الإبداع في صياغة أجود المنتجات.

فبمدينة تيزنيت، الوقعة بجهة سوس ماسة (حوالي 90 كلم جنوب أكادير) على الطريق المؤدية إلى مدينة كلميم باب الصحراء، اشتهرت هذه المدينة العريقة على مستوى المملكة بصياغة الحلي الفضية بمختلف أشكالها وتجلياتها الثقافية العميقة، لتنجب أنامل نسائية قادرة على تطويع هذا المعدن الثمين وتشكيله باتقان وخبرة في صنع الخواتم الفضية وغيرها..

ورغم الظرفية الصحية الصعبة التي يشهدها العالم، ومن بينه المغرب، بسبب تفشي جائحة كورونا، وكذا وجود تطور في صياغة الفضة سواء من حيث آليات التصنيع أوالتشكيل ومسايرة عالم الموضة، فإن أنامل النسوة بتزنيت لا تزال تبدع، متحدية الاكراهات، في تشكيل أنواع الحلي من “خواتم، وأقراط وقلائد وأساوروغيرها”، محافظة في الوقت ذاته على عراقة وأصالة الحلي المغربي الأمازيغي.

وأكدت السيدة أمينة اخربوش، وهي نموذج للمرأة التي أبدعت في صياغة الفضة بتزنيت، أنها ورثت هذه الحرفة عن الآباء والأجداد الذين اشتغلوا طوال سنين على تشكيل هذا المعدن، مشيرة إلى أنها عملت على تطوير حرفتها ضمن قالب محلي يلائم الأذواق.

وأضافت، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنها آثرت البقاء في هذه الحرفة حتى بعد زواجها، مشيرة إلى أنها انخرطت في تأسيس “تعاونية تيفلوت ن نقورت” بجماعة المعدر الكبير، التابعة لدائرة تيزنيت، وهي تعاونية متخصصة في صياغة الحلي الفضية التقليدية.

واستحضرت السيدة أمينة البعد الجمالي وأدوات الزينة، التي ميزت الثقافة المحلية، والتي لا تزال تجود بها أنامل تلك النسوة بالتعاونية التي انخرطت في تأسيسها، مثل “إسرسن” ( قلادة الرأس)، و”تيزرزيت” (الرمز الأمازيغي المحلي) و”النبايل” و”الخواتم” ، و”الخلالة” المزينة بالنقود القديمة، والقلادة المرصعة بالأحجار الكريمة وغيرها من الحلي التي ارتبطت بزينة المرأة.

وذكرت أن هذه التعاونية لا تزال تشتغل منذ تأسيسها، بالرغم من الاكراهات المرتبطة بانتشار فيروس كورونا المستجد، من أجل الإبداع والحفاظ على هذا الموروث الثقافي في انتظار تعافي القطاع السياحي الذي يرتبط به تسويق المنتوج بشكل كبير.

من جانبه، أوضح عبد الحق أرخاوي، رئيس جمعية الصياغين بتزنيت، أن التميز الذي تعرفه صياغة الفضة بهذه المدينة يرجع إلى عدة عوامل من بينها عراقة هذه الحرفة بالمنطقة وكذا تواجد اليهود المغاربة من أصول أمازيغية الذين أتقنوا هذه الحرفة وعملوها للأبناء والأحفاد من المسلمين واليهود الذين تعايشوا في هذه المدينة في جو ساده الود والإيخاء.

وأضاف، في تصريح مماثل، أن المهارة في صياغة الفضة بتزنيت تتجسد في صياغة الحلي الفضية بجميع أشكالها مثل “السلك الفضي”، و”الطلاء الزجاجي”، و”الترخام” و “الترصيع”.

وذكر الفاعل في صياغة الفضة أن المرأة الأمازيغية، خاصة بتزنيت، لعبت أيضا دورا كبيرا في الحفاظ على هذا الموروث الثقافي، مشيرا إلى أن المرأة لا تقل مهارة عن شقيقها الرجل في صياغة هذا المعدن وتحويله إلى أشكال تسر الناظرين.

وتبقى صياغة الفضة بتزنيت، بالرغم من الظروف الحالية، من بين الحرف الأصيلة التي تميز هذه الربوع الغالية

Exit mobile version