Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ضمانة السلم والتعايش

الكبير بن لكريم
إمارة المؤمنين في المغرب مصدر قوة وتوحيد وإجماع وتكامل ووحدة للمغاربة على مر العصور بجميع مكوناتهم وأطيافهم واتجاهاتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية لما تشكله هذه المؤسسة من نموذج مغربي فريد يقوم على المساهمة في بناء الدولة المغربية المدنية الحديثة القائمة على مرجعية الأمة في تدبير شؤونها العامة وعلى ضمان الحقوق الأساسية للأفراد والمساواة فيما بينهم بصرف النظر عن الفوارق في الجنس واللون والعرق أو العقيدة.
وإمارة المؤمنين في المغرب ينطلق مفهومها من كون أن الإسلام دين ودولة وأن له نظاما سياسيا يتميز به، ثم إن هناك بيعة التي تشكل الميثاق والصلة التي تربط بين الحاكم والمحكوم بالمعنى الحقيقي وليس الافتراضي.
وتظل إمارة المؤمنين على مر العصور في تاريخ الدولة العلوية حضنا وأرض سلم وسلام وتعايش بين مختلف الأجناس والأعراق والديانات في أمن وسلم وسلام.
السلم والسلام والتعايش لدى المغاربة مرتبطة بوجود الأمة، يعني أنها مرتبطة بوجود مجتمع متماسك في قيادته وقاعدته، تسوده روابط اجتماعية قوية هو واع بها بضرورتها وأهميتها وأهمية وجودها وسيادتها، أي إنه مجتمع لا تتحكم فيه الفردية، والأنانية.
والحقيقة الثابتة هي أن الشعب المغربي، مفطور على السلم وعلى التعايش والتساكن إلى حد الاندماج والانصهار، ما لم يتـم التعامل معه بالعدوان أو محاولة فرض السيطرة فإنه يناوئ ويقاوم، لأنه على حد تعبير الشاعر المغربي المرحوم إدريس الجالي:
شعب غضــوب للكرامــة إن يثر تتراجــع الأقـــدار لا يتقهقر
فقد أقر المجلس الوزاري الأخير تشكيل هيئات تنظيمية للطائفة اليهودية المغربية تهدف إلى “تدبير شؤون الطائفة” و”الاعتناء بتراثها اللامادي” بصفته “مكوناً” لثقافة المملكة وتعزيز “ارتباط اليهود المغاربة المقيمين في الخارج ببلدهم الأصلي”.
هذه التدابير التي أقرتها إمارة المؤمنين تستمد روحها من الأمانة العظمى، التي يتولاها جلالة الملك، بصفته أمير المؤمنين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية لكل المغاربة على اختلاف عقائدهم الدينية، وتكريسا للرافد العبري كمكون للثقافة المغربية الغنية بتعدد روافدها.
وظلت الملكية وإمارة المؤمنين في المغرب حريصتين على زرع وتكريس ثقافة التسامح والتعايش عبر التاريخ، وكل المغاربة وبالضبط كبار السن يحكون لأحفادهم عن تسامح المغاربة وتعايشهم واحتضان المغرب كأرض ضامن للحقوق والحريات بفضل إمارة المؤمنين، يحكي الأجداد عن علاقات الجوار الطيبة التي ربطتهم بذوي ديانات مختلفة كانوا يسكنون بجوارهم بالأحياء والدروب ويتحدثون عن مشاركة بعضهم البعض في المناسبات الاجتماعية وتبادل الخدمات ذات الطابع الاجتماعي.
ورغم أن الطائفة اليهودية عاشت في العديد من الدول والأقطار عبر التاريخ إلا أنها لامست وعايشت الفرق الكبير بين هنا وهنالك، ليظل المغرب راسخا في ذهن من عاشوا فيه من هذه الطوائف وظلوا يتوقون للعودة له للعيش في حضنه.
وفي إسرائيل يعيش حالياً حوالي 700 ألف يهودي من أصول مغربية، وغالبا ما يحافظ هؤلاء على علاقات قوية ببلدهم الأم الذي ولدوا فيه و ترعرعوا في كنفه في أمن وآمان وسلم وتعايش بينهم وبين المغاربة وحملت ذاكرتهم ذكريات جميلة عن المغرب والمغاربة.

Exit mobile version