Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

طالبان…الديمقراطية والشريعة

إدريس عدار
ما زال جوهر حركة طالبان غامضا. تاريخيا هي الحركة التي عُرفت بالتشدد. اليوم ظهرت بلوك مختلف لكن لا يكفي لتقييم جوهرها، قد تكون تلك الأعراض عابرة في وقت تحتاج فيه إلى طمأنة العالم وطمأنة خصومها السياسيين بالداخل. غير أن الحركة وطوال 20 سنة من طردها من الحكم لم تطور فكرا على ما يبدو.
قال وحيد الله هاشمي، المقرب من مفاصل صنع القرار داخل الحركة، بأن العديد من المسائل المتعلقة بكيفية إدارة البلاد لم تحل بعد، لكن من المؤكد أن أفغانستان لن تكون دولة ديمقراطية بل ستدار وفقا للشريعة الإسلامية.
حكمت طالبان أفغانستان لمدة خمس سنوات. من 1996 إلى 2001. نقلت بساطة الحركة إلى بساطة الدولة. ونقلت معها قساوة الظروف، التي نشأت فيها، حيث انطلقت من منطقة قاسية، لهذا يمكن فهم كيف تتحول حركة تنتمي للمذهب الحنفي وماتردية من حيث العقيدة إلى حركة قريبة من السلفية المتطرفة. أحيانا يفيد علم نفس البيئة في فهم طبيعة تأثير الظروف وقساوتها على التفكير. المعروف عن المدرسة التي تنتمي إليها أنها مدرسة تجديد في الدين، لكن لماذا تكلّست على مفاهيم قديمة ورؤى فقهية متجاوزة؟
قرأت كتابة سريعة لباحث يتحدث عن ضرورة فهم حركة طالبان كباقي الحركات الاجتماعية والسياسية انطلاقا من الأدوات الحديثة. كان علينا أن ننتظر حتى يفهم هذا الباحث متأخرا فيخرج علينا بنصيحة، وكان في زمن سابق يقول: إنه لا يمكن فهم حركة النهضة التونسية بنفس الوسائل التي نقرأ بها باقي الحركات السياسية. أما نحن فقد طبقنا علم نفس البيئة على بعض الحركات ومفهوم الذاكرة النفسية الجماعية على مجموعة بنكيران التي تسمى اليوم حزب العدالة والتنمية وحركته الأم التوحيد والإصلاح.
طالبان التي حكمت أفغانستان في فترة سابقة وفق نمط الحركة، التي نشأت في منطقة قاسية، ونقلت هذا النمط إلى الحكم، وبرؤى محايثة لرؤى الحركات الجهادية بما في ذلك الطريقة العنيفة في التعامل مع الآخر ومع المرأة والفن حيث فجّرت تمثالين لبوذا وأغلقت الإذاعات والتلفزات وشركات الإنتاج السينمائي، تعود اليوم للحكم بشكل يوحي لكثيرين بالتحول، لكن يظهر أن الحركة لم تطور رؤية سياسية.
ما قاله وحيد الله هاشمي يؤكد أن طالبان قد تكون تطورت في مجالات كثيرة إلا على مستوى الأفكار. هذه فكرة قديمة لدى الحركات الإسلامية وكانت تؤمن بها كلها بمن فيها تلك التي في الحكم أو الحكومات اليوم. مشكلة طالبان أنها تتوفر على فقهاء تقليديين ولا يوجد من بينها مفكرون. هي لا تميز بين الديمقراطية والشريعة. وتضعهما متقابلين. بغض النظر عن فهمها للشريعة فهي لا تقع في مقابل الديمقراطية. هذه الأخيرة يقابلها النظام الدكتاتوري. وقد يمتح كلى النظامين من نفس العناوين. يمكن أن يوجد نظام ليبرالي ديمقراطي وآخر دكتاتوري. الشيء نفسه يقال عن باقي أشكال الحكم.
طالبان عادت إلى الحكم دون تطوير فكر سياسي وفقه يمكن أن تتصرف وفقه. تعيش على شعارات قديمة بتدوير جديد. على هذا المستوى لا تغيير حدث.

Exit mobile version