Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

عالم نفس أمريكي: التطرف يعكس اختلالا في التوازن التحفيزي

لخبرته العميقة في علم النفس، تحدث الدكتور الأمريكي آري كروغلانسكي (Arie W. Kruglanski)، الباحث بقسم علم النفس في جامعة ماريلاند، المتخصص في الآليات المعرفية (cognitive mechanisms)، والمؤلف لكتابين مهمين حول الراديكالية ولأكثر من 300 مقال في علم النفس، إلى مجلة (BAB) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء عن أسباب التطرف وسيكولوجيا المتطرفين المرتبطة بـ”عدم التوازن التحفيزي”.

BAB: في بداية الأمر، أود سؤالكم عن البحث الذي قمتم به منذ سنتين حول “الآليات المعرفية في إطار التطرف العنيف”، فما طبيعة العلاقة التي تجمع بينهما؟

تعد الآليات المعرفية العامل الرئيسي الذي يكمن وراء الراديكالية والتطرف العنيف، حيث تساعد في تكوين الأفكار المتطرفة من خلال عملية الاستدلال، أي استخراج الأجوبة التي يقنع بها الشخص نفسه بناء على معلومات معروفة مسبقا قد تكون صحيحة أو خاطئة.

ويتطرق البحث، الذي قمت به بمشاركة متخصصين آخرين مهتمين بقضية التطرف من قبيل، جيسيكا فيرنانديز، آدم فاكتور وإيوا زوموفسكا، إلى الأسس المعرفية للتطرف العنيف. نحن نتصور أن التطرف هو حالة نابعة من “عدم التوازن التحفيزي” (motivational imbalance) التي تستولي على كل الاحتياجات النفسية الأخرى محررة بذلك الفرد من قواعد السلوك المتعارف عليها في المجتمع. وفي حالة التطرف العنيف، يجب طرح السؤال حول أهمية الشخصية والسلوك المتحرر الذي يستخدم العنف كوسيلة لبلوغ الهدف. ومن بين الآليات المعرفية المعتمدة هي التعلم من المتطرفين والاستدلال من معلومات معروفة مسبقا، وتفعيل المعرفة عبر الاتصال الشخصي الوثيق ونسج علاقات تواصلية داخل المجموعة المتطرفة. كما يعد الانتباه الانتقائي، أي التركيز على فكرة رئيسية في بيئة التطرف مع تجاهل المنبهات الأخرى غير ذات الصلة وتثبيط الأفكار غير المرغوب فيها، من بين الآليات المعرفية الأخرى التي تساهم في زرع التطرف.

ولكن ما هي المميزات التي تجعل السلوك “متطرف ا”؟ وما هي الآليات النفسية التي تساعد في الانتقال من الاعتدال إلى التطرف والعكس؟ هذه الأسئلة المطروحة في البحث تجعلنا نقدم تصور ا أكثر عمومية للتطرف باعتباره بناء نفسيا.

نفترض أنه بإمكان السلوك المتشدد أن يتنوع ويشمل ليس فقط أفكار متطرفة عنيفة بل وسلوكيات مختلفة على نطاق واسع. فعلى سبيل المثال، يمكن وصف العنف والفوضى على أنهما سلوكان “متطرفان” (extreme behavior)، ولكن يمكن إعطاء نفس الوصف عند اتباع بعض الأنظمة الغذائية الخاصة وبعض أنواع الرياضات والانجذاب للمغريات والشهوات “القاتلة” والرغبة الشديدة في الطعام… هل اعتبار هذه السلوكيات “متطرفة” هي مجرد طريقة للكلام؟ أم تشترك هذه السلوكيات في جوهر نفسي واحد؟ الإجابة هي نعم. فهذه السلوكيات تشترك في حالة خاصة من “عدم التوازن التحفيزي”، حيث تهيمن حاجة معينة على عقل الشخص تحفزه “بشدة” لتلبيتها، وذلك على حساب اهتماماته الأخرى.

– لطالما كان التطرف العنيف مصدر قلق كبير لصانعي القرار في البلدان المتقدمة لعقود من الزمن. ما هي طبيعة وأسباب هذه الظاهرة المتفشية بين المجموعات المتطرفة في هذه المجتمعات؟

يتعلق السؤال الرئيسي هنا بدراسة “اختلال التوازن التحفيزي” الذي يميز المتطرفين داخل المنظمات، وخاصة طبيعة الحاجة المهيمنة التي تزرع الأهداف المبتغاة من إنشاء المجموعة.

Exit mobile version