Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

عسر القراءة والكتابة .. الحس العميق خيط رفيع بين القدرة والإرادة

 لم يكن يزيد غيور، البالغ من العمر 28 سنة، يدرك أنه سيتخطى يوما ما فكرة الانقطاع عن الدراسة التي كانت تلازمه في صباه، وأنه سيرتقي بمستواه التعليمي لتجاوز شهادة الماستر في شعبة المالية، والتحضير للدكتوراه في الوقت الذي اقتحم فيه سوق الشغل عن جدارة واستحقاق.

هذا الإحساس في سن مبكر كان وليد طاقة خفية حدت من قدراته الشخصية ورغباته في التحصيل، حيث كان يستعصى عليه حتى الاستقرار بين أقرانه في رحاب المدرسة جراء الصداع النصفي “الشقيقة” المتكرر الذي كان يصيبه.

كما كان يعاني من عيب في النطق إلى جانب عدم التركيز والغموض والتعثر الذي يطارد ذاكرته المتصلبة خاصة في أوقات الامتحانات، مما يؤدي به إلى نسيان كل ما تم تحضيره، وبالتالي تكون النتيجة غير مرضية بحصوله على نقط متدنية جدا.

في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، قال يزيد إنه “مع اكتشاف هذا المرض بمحض الصدفة في سن يناهز 11 سنة، شرعت في حصص العلاج والترويض الطبي المتواصل على مستوى النظر بتقنية مبتكرة وذلك لمدة تراوحت ما بين 3 و 4 سنوات، مع تتبع جلسات تتعلق بالحد من العسر في القراءة لمدة نحو 6 سنوات مستعينا بنظارات طبية خاصة، مما ساعدني على استعادة الثقة في نفسي والتمكن من القراءة بشكل عادي كباقي الزملاء من الطلبة”.

ويؤكد يزيد، الذي خبر المعاناة التي ترافق الإصابة بهذا المرض، على ضرورة لفت انتباه الأمهات والآباء وأطر التربية والتكوين إلى وجود هذا المرض الذي يحول بين الطفل والتعليم، مبرزا أن هناك من الأطفال ممن يتعذر عليهم اقتحام فضاء العلم والمعرفة ليس لكونهم لا يرغبون في القراءة والكتابة بل لعدم قدرتهم، وخاصة في صفوف البراعم الذين قد يفتقدون التحكم في تصرفاتهم وتتعالى أصوات صراخهم الهستيري تعبيرا منهم عن نوع من الضجر والسخط وعدم الرضى عما هم فيه.

وعلى ضوء النتائج الإيجابية التي تحققت في المسار الدراسي للشاب يزيد، فالأم لا تخفي شعورها بسعادتها الكبرى، قائلة إنها لم تدرك الحالة المرضية لوحيدها يزيد قبل بلوغه مستوى الشهادة الابتدائية، حيث بدأت تظهر عليه سلسلة من التصرفات والحركات غير العادية التي حركت حفيظة أساتذته من عدم التركيز والتوقف عن الكتابة قبل الأوان والتفكير دائما في الخروج من الفصل، إذ حتى النظارات الطبية العادية لم تفلح حينها في احتواء الوضع مع أول وهلة.

وفي لقاء مع طبيبته، صباح برادة القباج، التي راكمت تجربة تزيد عن 20 سنة في هذا الاختصاص المرتبط بأمراض وعلاج وجراحة العيون والحول وعلم قوام الجسم، أفادت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن عسر القراءة يعني الاضطراب في تعلم القراءة والكتابة بصورة طبيعية بالرغم من ملامح الذكاء التي قد يتمتع بها الطفل والمستوى البيداغوجي المتميز الذي توفره المدرسة التي يدرس بها، وكذا في غياب أي مشاكل عاطفية فضلا عن عيشه في ظروف عادية ومواتية.

وأوضحت أن من بين الأعراض التي قد تبدو جلية لدى المصابين ممن تتراوح أعمارهم في الغالب ما بين 9 و 15 سنة، وبنسب متفاوتة ما بين 10 و 15 في المائة لدى مجموع الأطفال المتمدرسين، صعوبة التحكم في الحركة (الصعوبة حتى في عقد أزرار المعطف أوخيط الحذاء)، والشغب اللاإرادي ونطق الكلمات بشكل غير مضبوط وصعوبة إجراء العمليات الحسابية

Exit mobile version