Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

عشر سنوات عجاف..

محمد عفري
في التاسع والعشرين من نونبر 2018 ضمَّنت الزميلة “جون أفريك” عددها الصادر بهذا التاريخ تحقيقا حول حصيلة قيادة حزب العدالة والتنمية لائتلاف الحكومة في تجربة استثنائية.. اختارت الزميلة لهذه الحصيلة عنوانا مثيرا وهادفا بتعجب واستفهام في آن واحد، وقدمته بهذا الشكل “سبع سنوات من أجل لا شيء..؟ “، بالمعنى الذي يقرب إلى “سبع سنوات من الفراغ ” أو “سبع سنين من الضياع”..

كانت المناسبة مرور سبعة أعوام على تقلد أغلبية حكومية بزعامة حزب البيجيدي السلطة التنفيذية في تجربة فريدة، قطعتِ الصلةَ مع مؤسسة “الوزير الأول” وفتحت الباب لمؤسسة “رئيس الحكومة” التي ابتسمت لـ”الأمين” العام لحزب المرجعية الإسلامية، عبد الإله بنكيران، وكانت من نصيبه بتزكية من دستور فاتح يوليوز 2011 بتجويده المميز وانفتاحه الأرحب على الديمقراطية والحقوق النوعية وصلاحياته الأوسع لفائدة هذه المؤسسة، أي رئاسة الحكومة..

ما تساءلت بصدده وتعجبت له الزميلة كان همّا ثقيلا عُمره سبع سنوات بالتمام والكمال يقض مضجع جل المغاربة وينغّص عليهم العيش، ومنهم بالخصوص الذين انتخبوا برلمانيي ووزراء البيجيدي أو الذين توسموا فيهم خير تدبير الشأن العام تطلعا إلى “معقول” مؤسسة حزبية جديدة عن المشهد السياسي وإلى تجربة حديثة لا علاقة لها بتجارب مغرب ما بعد الاستقلال، مع أحزاب تقليدية أقل ما عاش معها المغرب والمغاربة، حالة السكتة القلبية التي شخّصها الراحل الحسن الثاني للبلاد، قُبيل تجربة التناوب في السنوات الأخيرة من القرن الأخير.

دبّجت الزميلة “جون أفريك” تحقيقَها بتقديم تحطُّ فيه النقطَ على حروف ضُعْف حكومة البيجيدي وتقول إن هذا الحزب لم يبرهن ــ ولو بالكاد ــ على قدرته إلى حدود الساعة (وبعد هذه المدة كلها) على تدبير شأن المغاربة بالوجه الأكمل الذي راهنوا فيه عليه..
حمّل التحقيقُ الصحفي المسؤوليةَ لبنكيران الذي قضى خمس سنوات وأكثر دون أن يحقق للشعب المغربي ما كان يصبو إليه من تغيير نوعي، كما حمّل المسؤولية لخلفه سعد الدين العثماني الذي كان قد مرّ عام على تعيينه رئيسا للحكومة (مارس 2017) تزامنًا مع التحقيق الصحفي، لكنه توسم فيه خير استدراك الموقف فيما تبقى له من “ولاية” السلطة.

منطقيا وواقعيا، لو تأتى لهذه الزميلة تحقيق صحفي آخر، في هذه الأيام، لأكد أن السنوات العشر التي قضاها هذا الحزب يقود الحكومة كلها عجافٌ حقّا، وأن أقل ما يمكن حسابه على هذا الحزب هو الضَّنك الذي عاشه ويعيشه المغاربة في عهده.
لقد قضى بنكيران أيامه ولياليه يصارع تماسيح وهمية وكائنات خرافية زاعما محاربة الفساد، متناسيا أنه هو موطنه وزارِعُه. لم يهدأ له بال إلاّ أن ورط المغاربة في ارتفاع البطالة وقلة الشغل ورفع سن التقاعد وتحرير سعر المحروقات ودعم أباطرتها والتضييق على الطبقة الوسطى وهلم جرا من الفظاعات، إلى أن رهن المغرب لأشهر طويلة في فراغ/ بلوكاج، بعدما شاكس وماكس ضِرارًا من أجل مصالح حزبية وأخرى شخصية، مستغلا صلاحياته كرئيس حكومة غلّب فيها الأنا بمفهوم أنا وبعدي الطوفان.

لم يكن العثماني بأحسن حال من سلفه/”أخيه” وغاص، بقصد أو بدونه، في الفساد وهو الذي حمل مشعل تتمة مسلسل محاربته. بكل صلاحياته الدستورية والقانونية التي تمتع بها، وبوضع التعيين في المناصب العليا تحت تصرفه وإدارته وبكل المفتشيات الوزارية رهن إشارته استرسل مسلسل التباكي عن المعاناة من الفساد دون أن يتحقق النزر القليل من القضاء عليه.
لو مكث هذا الحزب ولو استمر العثماني وغيره من إخوانه في قيادة ائتلاف حكومي جديد، لا قدر الله، لعشنا سنوات أخرى من الضياع، وسيناريوهات مثيرة بين مكونات حكومة لا ترضى عن بعضها ولا تتوافق، ولاستمرّ البيجيدي نفسه يصوت ضد مشاريع قوانين تقدمها هذه الحكومة، ولاستمر يقوّض تشريع البرلمان ومراقبته، ولانبثقت منه فرقٌ برلمانية تهاجم وزراء الحكومة فقط لأنهم ليسوا من الحزب، بل لاستمر الفراغ، في غياب حكومة كفاءات، ألح عليها جلالة الملك، وغياب منتخبين ووزراء ومسؤولين وفرق برلمانية يقدِّرون حقّا وِزْر المسؤوليات..

Exit mobile version