Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

على ضوء الخطاب الملكي…البرلمان والجدية

لم تعد هناك مندوحة عن خطاب الجدية في الحياة السياسية المغربية بعد الخطاب الملكي السامي بمناسبة تربع جلالته على عرس أسلافه. والحياة السياسية تجد أرقى تجسيد لها في البرلمان باعتباره المؤسسة التي تمثل الشعب وتتمثل فيها الفئات والهيئات والتوجهات والاختيارات والمصالح. البرلمان قد يرتقي فيمثل هذا المجموع وقد ينحدر فيمثل المصالح فقط وبالتالي تضيع مصلحة الشعب أي مصلحة المواطن.
تحدثنا سابقا عن الأحزاب السياسية والجدية، وخرجنا بخلاصة مرة تتعلق بكون الأحزاب السياسية تعيش مرحلة عبثية خطيرة تضر بالدولة والمجتمع. لم تعد الأحزاب السياسية هي التجسيد الحي لما يعتمل داخل المجتمع من أفكار ونوايا ولكن تحولت إلى مجرد هيئات للترقي الاجتماعي يستغلها الزعماء لقضاء مصالح ضيقة، قد تكون البحث للأبناء عن مواقع في الدولة لا أقل ولا أكثر، بل تحويل هيئات مناضلة إلى مجرد أدوات وظيفية في يد العائلة والمقربين وهذا خطر داهم.
إذا كانت الأحزاب عبثية فحتما لن ينجو البرلمان من هذه العبثية، فالبرلمان بدوره مكون من الأحزاب السياسية، التي تبقى هي المسؤولة عن اختيار النخب، لأنها هي من تقترح المرشحين على المواطن ليقوم بالتصويت عليهم.
في وقت سابق قال الملك الراحل الحسن الثاني إن البرلمان تحول إلى سيرك. لقد كان المغرب حينها في مرحلة تجريبية من الديمقراطية ولم يكن عمر المؤسسة التشريعية قد تجاوز 15 سنة، وكانت النخب أغلبها من الأميين الذين لم يلجوا المدرسة أو مستواهم بسيط، وبالتالي كان مقبولا أن ترى بعض الظواهر السياسية داخل البرلمان.
غير المقبول اليوم أن تجد الأحزاب تتهافت على ترشيح الأعيان في وقت توجد فيه نخب متعلمة ومن مستويات عليا، وحتى لم تلجأ إلى ترشيح هؤلاء لا تختار من بينهم الأصلح ولكن الأقرب، لهذا نعيش العبث البرلماني غير المقبول اليوم بأي شكل من الأشكال.
رغم أن الأحزاب السياسية هي التي تنتج البرلمان لكن هذا الأخير يتجاوز الأحزاب السياسية، وهو الواسطة بين الشعب والحكومة، ويتجاوزها لأنه مؤطر بقوانين لو تم تنفيذها بصرامة لتم ردع الأحزاب السياسية عن ترشيح “من والى” واختارت من يمثلها أحسن تمثيل.
نعتقد أن البرلمان لو توفرت فيه الجدية لكان حلا لعبثية الأحزاب السياسية، وسيقول البعض إن هذا فيه تناقض، لأن البرلمان منبثق من الأحزاب السياسية وبما أننا قلنا إنها في مرحلة العبث فالبرلمان بدوره سيكون عبثيا، وهذا قلناه في الأعلى ولا استشكال عليه، لكن في البحث عن حلول، لا يمكن أن ننتظر من الأحزاب حلا سحريا، لكن البرلمان مؤسسة يمكن أن تتخلّق بالأخلاق الحسنة ويمكن أن تنضبط للقوانين وبالتالي يمكن أن تكون رادعا للأحزاب السياسية، فهي تنبثق حقيقة من الأحزاب السياسية لكن يمكن أن تتمرد عليها.

Exit mobile version