Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

على ضوء الخطاب الملكي…الحكومة والجدية

ثلاثة أركان تقوم عليها السياسة في أي بلد ديمقراطي، الأحزاب السياسية والبرلمان والحكومة، وتحدثنا سابقا عن الأحزاب السياسية، وقلنا إنها تعيش عبثا في تكوينها وتسييرها وقادتها وشرط وجودها، وقلنا أيضا إن البرلمان يعيش عبثا غير مفهوم، فرغم أنه منبثق من الأحزاب السياسية غير أنه يتوفر على ترسانة قانونية يمكن أن تحميه من عبثية الأحزاب غير أنه أبى إلا أن يشبهها “والحاجة اللي ما تشبه مولاها حرام” كما يقول المغاربة، لكن الحكومة بما هي نتاج لكل هذا العبث فلن تكون إلا مجسدة للعبث في أقصى تجلياته.
فالحكومة هي التجسيد الفعلي لنتائج الانتخابات، باعتبارها تتكون من الحزب الفائز بالرتبة الأولى بالتحالف مع أحزاب أخرى، ومن هنا تعتبر الحكومة إفرازا لخارطة الانتخابات ونتائجها، والانتخابات تجسيد لقدرة الأحزاب السياسية على التعاطي مع الناخبين، بغض النظر عن الطريقة التي يتواصلون بها.
جلالة الملك محمد السادس ركز في خطاب العرش المجيد على مفهوم مركزي يتعلق بالجدية. وهذه الأخيرة نقضية العبث.
فقد قلنا سابقا إن الجدية لدى الأحزاب السياسية تبدأ من المحاسبة قبل مطالبة الدولة بالمحاسبة. الجدية أن تكون ذا مشروع يحترم وضعك الانتخابي لا أن تطلب وتتودد للمشاركة في الحكومة، لأن المعارضة لها أيضا أدوار مهمة إن كانت جدية.
عدد من الأحزاب تم تأسيسها فقط لأن القيادات لم تعد على الود الذي كان، أو أن المنافع لم تعد تقتسم بينهم كما ينبغي وبالتالي يلجأ المتضرر إلى تأسيس دكان جديد كي يحصل من خلاله على “كعكة” يأكلها مع مقربيه دون وجع رأس.
وقلنا إن البرلمان لو توفرت فيه الجدية لكان حلا لعبثية الأحزاب السياسية، وسيقول البعض إن هذا فيه تناقض، لأن البرلمان منبثق من الأحزاب السياسية وبما أننا قلنا إنها في مرحلة العبث فالبرلمان بدوره سيكون عبثيا، وهذا قلناه في الأعلى ولا استشكال عليه، لكن في البحث عن حلول، لا يمكن أن ننتظر من الأحزاب حلا سحريا، لكن البرلمان مؤسسة يمكن أن تتخلّق بالأخلاق الحسنة ويمكن أن تنضبط للقوانين وبالتالي يمكن أن تكون رادعا للأحزاب السياسية، فهي تنبثق حقيقة من الأحزاب السياسية لكن يمكن أن تتمرد عليها.
لكن بما أن البرلمان سقط في عبثية الأحزاب السياسية ولم يتخلص من هيمنتها، أصبح هو أيضا عبثيا، والحكومة لا يمكن أن تتخلص من عبثية البرلمان لأنها وليدته، غير أنها بعد أن تولد وتلبس ثيابها تصبح هي المتحكمة فيه بما تمنحه من مصالح ومنافع، وبالتالي يصبح البرلمان مجرد تابع لها مصادق على عبثيتها مع المفروض أن يكون هو الرقيب عليها وهو المراقب لعملها والمسائل لها بل المسقط لها إن زاغت عن طريق الصواب.
وبما أن الحكومة صادرة عن عبثية البرلمان وتتحكم في أغلبية حزبية هي أم العبث فسنعيش مرحلة عبثية، لكن لا ينبغي أن يستمر هذا الأمر لأنه من الضروري أن ندخل زمن الجدية.

Exit mobile version