أهم شيء في المساعدات التي قدمها المغرب لسكان غزة، ضحايا الحرب التي تشنها إسرائيل بلا هوادة ضد الفلسطينيين، (أهم شيء) هو أنها أصبحت في يد الهلال الأحمر الفلسطيني، وهي أول مساعدات دولية تصل عبر البر خارج اتفاقات الهدنة بين إسرائيل وحماس، مما يؤكد العمق التاريخي الذي يمتلكه جلالة الملك محمد السادس، وقدرته على إحداث ثغرة في جدار الصمت والحصار المضروب على الفلسطينيين، بالضفة وقطاع غزة والقدس، في إطار “حرب الجوع”، التي تشنها إسرائيل.
لكل دولة مخرجاتها ولكل قيادة أدواتها، ولا يهم كيف تم إحداث هذه الثغرة المهمة الإنقاذية، لكن يهم أن فلسطين لدى المغاربة ملكا وشعبا قضية وطنية ولا يمكن أن يزايد عليهم أحد في هذا الموضوع، مهما كان ومن أي صنف كان، إذ لم يتمكن أحد ليوم الناس هذا من إدخال مساعدات عن طريق البر، في وقت أكدت المساعدات التي تيتم إنزالها من الجو عدم جدواها، بل قتلت بعض المواطنين، كما أنها لا توزع بطريقة سليمة.
المبادرة الملكية سابقة في هذا الصراع، ولا يمكن أن يقوم بها إلا من كان قائدا له مكانة دولية ومكانة مسموعة في العالم، فإذا كنا نصفق لمن قدم موقفا من الصراع فكيف لا نعتبر إدخال مساعدات إنسانية في رمضان عملا كبيرا، وبادرة ستدخل التاريخ، أن ملك المغرب أول قائد استطاع في زمن الحصار أن يوصل مساعدات عن طريق البر للفلسطينيين وخارج اتفاقات الهدنة.
المغرب دائما كان سباقا لكل ما يتعلق بالفلسطينيين، وكانت مواقفه واضحة منذ اليوم الأول للحرب، باعتبارها عدوانا على شعب أعزل وممارسة للعنف المفرط خارج القوانين الدولية وانتهاك لكل الأعراف الإنسانية، وتميز الموقف المغربي بالوضوح التام في هذا السياق، وطالب في أكثر من مرة من وقف العدوان، ولم يسميه غير العدوان.
وتم التشنيع على المغرب كثيرا بعد الاتفاقية الثلاثية، التي جمعت أمريكا والمغرب وإسرائيل، ناسين أن الاتفاقية مشروطة بالحق الفلسطيني وأنه لا يمكن التقدم في تنفيذ بنودها دون التزام إسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني كما هي مقررة أمميا، ولكن أصحاب المزايدات لم نر منهم سوى كلاما دون فعل، بل منهم من استمر في ممارسة تجارته مع إسرائيل في عز الحرب، وآخرون اكتفوا بالكلام.
المغرب يعتبر من البلدان القليلة التي لم تستغل القضية الفلسطينية لتحقيق أغراض ومصالح خاصة، بل دائما كان المساند والداعم للشعب الفلسطيني دون أن يتدخل في مسارات القضية ولا فرض على الفصائل ما تقوم به وما لا تقوم به، وكان الرئيس الشهيد ياسر عرفات يعتبر المغرب بلده الثاني وكان لا يقوم بأي رحلة تفاوضية دون أن يحط الرحال بالمغرب لأخذ المشورة والرأي.
عن مساعدات المغرب لغزة…فلسطين قضية وطنية
