Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

عودة الجمهور إلى الملاعب بين أخنوش وبنموسى ولقجع

محمد عفري
عاد الجمهور إلى مدرجات الملاعب وأصبح الحديث عن غلاء الأسعار مجرد “أطلال”..
جاء قرار عودة الجمهور إلى الملاعب مفاجئا، لكنه كان “مدروسا”، بغايات وأهداف، وفي وقت كان بالإمكان أن يكون قرارا حكوميا، لأنه “اتُّخِذ” في اليوم الذي انعقَد فيه مجلسٌ حكومي، ولكن أُرِيدَ له أن يكون قرارا “ثنائيا” بين أخنوش، رئيس الحكومة، وفوزي لقجع الذي يحمل العديد من المهام، ويضرب في الوقت نفسه،”موقف” بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة الذي كذَّب قرارَ عودة الجمهور، في البداية.
لا نريد أن ندخل في حساسيات وزراء حكومة أخنوش، ولكن وجب التأكيد على أن الارتجال كان سيد الموقف في عودة الجمهور إلى الملاعب ويطرح أكثر من سؤال.
غاب المسؤول الأول عن كرة القدم، رئيس الجامعة الملكية المغربية، فوزي لقجع عن المشهد منذ “صعقة” خروج المنتخب المغربي من دور ربع نهائي بطولة كأس إفريقيا للأمم التي احتضنتها الكاميرون. لكنه عاد الخميس، إلى الظهور بمعية رئيس الحكومة ليقرِّرَا عودةَ جماهير الكرة إلى مدرجات الملاعب، بعد قطيعة دامت عامين، فرضها اجتياحُ وباء كوفيد 19، وما رافقه من قانون الطوارئ وتدابير الوقاية.

حتى الندوة الصحفية التي عُقِدت بعد العودة من الكاميرون، لتقييم إخفاق المنتخب الوطني في هذا الاستحقاق الذي كان الرهان عليه كبيرا، كان الغياب لفوزي لقجع أو من ينوب عنه من الجامعة هو القاعدة.
بعد صمْت الخيبة، تكلَّف المدربُ الوطني أو (الناخب الوطني)، وحيد خاليلوزيتش بالمهمة. ناب عن لقجع وعن الجامعة الملكية بجلال قدرها. قال خاليلوزيتش كل شيء وتحدث عن كل شيء وفي كل شيء، عدا الاعتراف بضعف المنتخب الوطني. دافع عن الإخفاق وبرر سوء الاختيار وبرّأ بالضبط رئيسَ الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من تهمة الإقصاء المبكر من كأس بدت للمتتبعين والجمهور المغربي أنها في المتناول، واستُنزفتْ من أجلها جهودٌ جسيمة وأموال طائلة وجُنِّدتْ لها مواردُ بشريةٌ عديدة. برَّأ أيضا محيطَه التقني منافحًا عن الأدوار “الجليلة” التي يقدمها مساعدُه مصطفى حجي الذي ارتفعت أصوات الاحتجاج ضدا على استمراره رفقة الطاقم التقني للمنتخب الوطني.
قبل الندوة المعلومة، كان عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، خرج في اليوم الموالي، من قبة البرلمان، بكلمة “عصماء” ليضمد الجراح، ويقول إن لاعبي المنتخب الوطني والطاقم التقني والمسؤولين عن الجامعة أمضوا ليلة بيضاء حسرة وأسى على الإقصاء أمام المنتخب المصري، ودعا المغاربةَ إلى تجديد الثقة في هؤلاء اللاعبين والاستمرار في تشجيعهم، لكون امتحان هام ينتظرهم، هو محطة الدور الحاسم المؤدي إلى مونديال قطر في مباراتي ذهاب وإياب ضد منتخب الكونغو الديمقراطية.
ردود أفعال من رئيس حكومة كافية لتوضح بجلاء، الاعتماد الكبير للحكومة في “سياستها”، على لعبة شعبية من أجل تدبير الشأن العام.
نستخلص أن كرة القدم أصبحت أكثر فأكثر، محور برامج ومخططات الحكومة، ليس في شراء سلم اجتماعي ممكن عند الحاجة وحسب، وإنما في جعلها مرفقا أكثر من تنموي اقتصادي، وذا أهمية قصوى لدى الأجيال، أهم حتى من التعليم والبحث العلمي على سبيل المثال لا الحصر، وإلا كيف نفهم أن الندوة الصحفية التي عقدها رئيس الحكومة في اللقاء التقليدي لمرور مائة يوم من تعيين الحكومة، تم افتتاحها بالحديث عن المنتخب المغربي الموجود حينها بالكاميرون، من أجل الدفاع عن حظوظه في كسب كأس قارية، بل كان افتتاح الندوة ذاتها بتقديم رئيس الحكومة، على أنه “كوايري” سابق، صال وجال في عالم الكرة ومارس ضمن فريق عتيد بالدار البيضاء.
المهم أن فوزي لقجع، بعد نكسة الإقصاء من كأس إفريقيا، وبصفته مسؤولا مباشرا عن هذا الإقصاء، لم يكن له من ظهور، إلا في مشهد الدفاع عن الموجة الأخيرة لارتفاع أسعار المحروقات ومواد استهلاكية أخرى. اعتمر قبعة المسؤولية التي تخولها له السلطة التنفيذية كوزير منتدب للاقتصاد والمالية، فعرف كيف يبرر ويربط رفع الأسعار بالغلاء على المستوى العالمي.
قرار فوزي لقجع، على حين غرة، بعودة الجماهير إلى الملاعب، له أكثر من معنى وهدف. لقد جاء تزامنا مع تشديد السلطات الصحية والعلمية على ضرورة الجرعة الثالثة من التلقيح لضمان مناعة جماعية، فكيف نفهم عودة الجمهور إلى الملاعب دون جرعة ثالثة، هل لم تعد المدرجات بؤرا للوباء والعدوى أم إن وباء كورونا لم يعد له من وجود.
عودة الجمهور بهكذا قرار مفاجئ ومرتجل، نستشف منها أن لقجع وحكومة أخنوش برمتها، في حاجة ماسة إلى الجمهور، ليس لملْء مدرجات مركب محمد الخامس في لقاء المنتخب الوطني ضد نظيره الكونغولي نهاية مارس الوشيك، من أجل ضمان التأهل إلى المونديال، وإنما لـ”إلهاء” الشعب عن الاحتجاج ضد الغلاء، خصوصا أن موجة جديدة من رفع الأسعار تلوح في الأفق، مع الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع السعر الدولي للبترول.

Exit mobile version