Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

عيد ميلاد في البرلمان…انتهاك للرموز

إدريس عدار
انتهاك الرموز هو إنهاك للذاكرة. البرلمان رمز والذاكرة السياسية متعبة أصلا. قد نختلف حول الموقف من البرلمان. قد لا يكون معبرا عن صوت الشعب بشكل حقيقي، وقد يكون من حيث تكوينه وتركيبته صوري لأنه لا يلعب أدواره الطبيعية في التشريع والرقابة على الحكومة. قد يصبح مجرد “سيرك” بتعبير الملك الراحل الحسن الثاني. وقد يكون مجرد واجهة لتمرير قرارات جائرة ضد المواطنين، كما هو الشأن الآن.
لكن كل ذلك لا يمنع من أن البرلمان، بما هو مؤسسة يمثل رمزا. حتى خصوم العملية السياسية، الذين لا يرون فيها جدوى لن يختلفوا حول كونه رمزا، يحتضن جزءا من الذاكرة السياسية للمغرب.
تنظيم برلمانية لعيد ميلادها داخل مقر مجلس النواب يعتبر استصغارا لهذه المؤسسة. لقد تم ابتذال وظيفة “برلماني”، ففي وقت من الأوقات كانت السلطة تقوم بتزوير عشرات المقاعد لأعيان أغلبهم أميون، لكن مقابل ذلك كانت المعارضة تجتهد وتكد كي توصل إلى البرلمان نخبة المجتمع وزبدته الفكرية والثقافية. كان نواب المعارضة نخبة مثقفة من خرجي كبريات المعاهد والمدارس الدولية.
مقابل سعي السلطة نحو الابتذال كانت المعارضة تقاوم كي يبقى البرلمان نوعيا يمثل حقيقة الشعب. ورغم أنه ظل شكليا لسنوات طويلة غير أنه كان منبرا في أحيان كثيرة لتفجير الكثير من القضايا.
وبعد مسار طويل من الصراع انتصر الابتذال. وفي عهد الزعيم السياسي المتواري عن الأنظار وصل “الابتذال” أوجه.
ما يقع الآن هو خلاصة لمسار طويل. مخطط خطير لاستصغار المؤسسات. أصبحت كل الأعناق تشرئب للمسؤوليات وخصوصا الوزارات، لأنه لم تتم محاسبة أحد على مسؤولياته. تم ابتذال المسؤوليات السياسية حتى أصبحت الزعامة مثل اللعبة.
من ساهم في هذا الانحطاط يتحمل المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع. وفي البحث عن طريقة تشكيل اللوائح ما يغني عن السؤال. لم تعد وسيلة لتأهيل فئة من المجتمع تجد صعوبة في الوصول إلى المؤسسات المنتخبة ولكن أضحت أداة لتحقيق مآرب أخرى.
لا ينبغي أن نفاجأ عندما نرى برلمانيين يعبثون بهواتفهم الذكية المقتناة من المال العام. لا ينبغي أن نصاب بالدوار عندما نرى برلمانيين وبرلمانيات مهتمين ومهتمات بـ”السلفيات” بدل التشريع والرقابة على عمل الحكومة. فما الغرابة في أن تحتفل برلمانية بعيد ميلادها؟
بعد السلوكات من الأمور الجارية بين الناس. والاحتفال والمرح من بينها. لكن مكانها البيوت أو الأماكن العمومية. البرلمان له رمزية ينبغي أن تبقى له. وربما لا يملك اليوم أية ميزة غير صفته الرمزية.
الفقهاء يعتبرون الأكل في الطرقات من خوارم المروءة. رغم أن الأكل في الطريق لا يستشكل عليه أحد لا شرعا ولا عرفا، لكن لا ينبغي للفقيه القيام به. حتى يكون الاحتفال والفرح شيئا جميلا، لكن ليس مكانه البرلمان. “عطى الله التيساع”.

Exit mobile version