Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

“غلام الحكومة”

البرلمان مؤسسة تشريعية ورقابية على أعمال الحكومة، وبالتالي ينبغي أن تبقى له قدسيته وحرمته، ولا يمكن القبول بتاتا بإطلاق نعوت على أشخاص أو مسؤولين، من خارج هذه المؤسسة فناهيك أن يكون الفعل من داخلها، لكن أحيانا يمكن أن يكون ما نراه نحن فعلا هو مجرد رد فعل، وفيزيائيا كل فعل له رد فعل مساو له في القوة. نرفض طبعا أن يصف عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، مصطفى بايتاس، وزير العلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة بـ”غلام الحكومة”.
لكن ما الذي دفعه إلى ذلك؟ وماذا قال الوزير التجمعي حتى استفزّ البرلماني الإسلامي؟ الوزير، الذي يكمل بعد تدريبه في وظيفته كمحامٍ، قال موجها الكلام للمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية “إلى ما عجبكم حال خرجو من البرلمان”. ما هذه المهاترة؟ أ إلى هذا الحد وصل التغول الأخنوشي؟ كيف تطلب من برلماني أن يغادر البرلمان؟
كل برلماني هو ليس ممثلا لنفسه ولكنه ممثل للأمة. حتى من انتخب لوحده من حزبه فهو لا يمثل نفسه ولكنه تعبير مجتمعي داخل البرلمان، وهو تجسيد لأطروحات تعتمل وسط الشعب، سواء كانت توجهاته ليبرالية أو يسارية أو محافظة، ولهذا لا يستقيل البرلماني إلا في حالة التعارض مع مهمة أخرى تاركا المقعد لمن يليه، ووضع المشرع قواعد لتقديم الاستقالة، ولا تصبح سارية المفعول إلا بعد أن تقرها المحكمة الدستورية.
الخروج من البرلمان لا يكون إلا بحكم المحكمة. فحتى لما يقرر حزب سياسي الانسحاب من البرلمان، يطلب من أعضائه سلوك المسطرة القانونية، وكان النموذج ماثلا أمامه، اليوم وليس بالأمس، بعد انتخاب أعضاء مجلس المستشارين، قرر حزب العدالة والتنمية أن هذه النتائج لا تعنيه وطلب من الأعضاء الانسحاب، فلم يتم تنفيذ الخروج وعارضه المعنيون بالأمر وسلكوا مسطرة الطعن الحزبية.
يخرج البرلماني من المؤسسة بحكم صادر عن محكمة قضاء عادي يُسقط عنه الأهلية، أو قبول المحكمة الدستورية لاستقالة المعني بالأمر، أما غير ذلك فهذا يعني أن “التغول” لدى الوزير، الذي وصفه بوانو بالغلام، مبني على جهل بالقانون وهو المحامي المتدرب، فهل كان ينبغي تركه يتمم تدريبه قبل أن يتم استقدامه للوزارة؟
رغم أننا لا نعرف ماذا يقصد بوانو بالغلام، وهل يقصد بذلك صغر السن أو الخادم، كما كان يطلق قديما، أو يقصد شيئا آخر مثلما كان معروفا في التراث، رغم ذلك هذا الوصف لا ينبغي أن يطلق من داخل المؤسسة التشريعية احتياطا حتى تبقى المؤسسة بصفائها ولا تتحول إلى سيرك كما وصفها جلالة الملك الراحل الحسن الثاني ذات يوم، لكن لا يمكن أن تتحول أيضا إلى أداة رقمية لاضطهاد الآخرين خصوصا المعارضة، التي يبدو أن الأغلبية لا توليها أهمية بتاتا ولا تمنحها حقها الدستوري وموقعها الحقيقي.

Exit mobile version