Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

فتاوى أمير المؤمنين

الفتوى جزء من حياة المؤمنين، وهي لا تقل أهمية عن باقي ضرورات الحياة، لهذا لا يمكن الاستهانة بها، وبقدر ما تقوم بإدخال السكينة والطمأنينة على قلوب الناس قد تكون فتيلة لإشعال النار. لهذا لا ينبغي أن تبقى في أيد من لا يعرف قيمتها بل ينبغي نزعها ممن لا أهلية لهم لذلك. وكما نحارب “التهريب” لأنه يضر الاقتصاد ينبغي محاربة “تهريب” الفتوى، وكان المرحوم محمد شكري تحدث عن “التهريب الديني”، وهي قصة نقل اجتهادات الآخرين في أمكنة وأزمنة مختلفة إلى مكان وزمان مختلف.
التدين المغربي مختلف عن غيره وهو ابن بيئته، وامتاز المغاربة منذ القديم بما يسمى بفقه النوازل، أي الفقه لديهم ليس محفوظات، ولكنه إنتاج مرتبط بوقوع وقائع غير مسبوقة، لكن تراث الفتوى بالمغرب كبير جدا، غير أن العناية به لا ترقى إلى مستوى ما هو موجود عند المغاربة.
ينسى المنبهرون من الشرق أنه كانت هناك مدرستان في الفقه، مدرسة فاس ومدرسة بغداد، وإذا تعارضا أخذ الناس بترجيح فتوى مدرسة فاس أو مدرسة أهل فاس في عبارات أخرى، وبالتالي ما هو موجود بيد المغاربة من فتاوى ليست بالشيء اليسير، لكن العناية بها والتسويق لها يبقى ضعيفا.
من حسن حظ المغاربة أن هناك قطب رحى الفتوى، أي أمير المؤمنين، الذي يعتبر منبع صدورها، وإليه يعود أمرها، والمجلس العلمي الأعلى والمجالس الجهوية كلها تحت إمرته، وهي تضم علماء جهابذة في استخراج واستنباط الفتوى. لكن ما الذي يجعل المغاربة وخصوصا الشباب يلجؤون إلى التهريب قصد استيراد الفتوى؟
نرى، والله أعلم، أن هناك نقصا حادا في العناية بالفتوى المغربية وتسويقها، حيث الإعلام ما زال قاصرا عن هذا المبتغى، فالإعلام العمومي المتخصص يقوم بجهد كبير، لكن الجهد لا يبرر المضمون، فكثير من البرامج كان ينبغي أن تكون موجهة لمتخصصين لا لعامة المواطنين.
ففي الفتوى ليس مطلوبا أن يعرف المتلقي خلفياتها وطريقة استنباطها، فهذه عملية معقدة وتتطلب دراية بكثير من العلوم، التي لا يقدر عليها المواطن العادي، وبالتالي ينبغي تبسيط الفتاوى وتقديمها بكافة الوسائل الممكنة للشباب المغربي، بدءا من وسائل الإعلام وعودة ركن المفتي إلى التلفزة، لكن بأسلوب بسيط، وليس بطريقة خطبة الجمعة التي ينقلها الإعلام العمومي لخطيب جمعة مكفهر الوجه يفر منه المتلقي.
ومن وسائل تسويقها طبعها بطريقة ميسرة في كتيبات صغيرة قابلة للحمل في الحقائب اليدوية وأن تكون بثمن بخس دراهم معدودات، وكما قامت الوزارة الوصية بإنشاء موقع خاص بالأحاديث النبوية الشريفة، وهو عمل جيد، ينبغي إكمال الخير وإنشاء موقع خاص بالفتوى، تحت إشراف المجلس العلمي الأعلى لكن يكون موقعا متفاعلا يتجدد على مدار الساعة ويمكن لعمل مثل هذا أن يكون بديلا عن “السلع المهربة” التي تأتي من الشرق ومن واقع مختلف عن واقعنا.
من حسن حظنا أن الفتوى في المغرب تصدر باسم أمير المؤمنين، بمعنى أنها منيعة عن اختطافها من قبل “المهربين الدينيين”، الذين يقلدون خطباء المشرق، ولدينا علماء كبار في الصناعة الفتوائية، وما على الجهات المختصة سوى أن تكون في مستوى تسويق ما لدينا وهذا يحتاج إلى خطة وبرنامج وما ذلك على المغاربة بعسير.

Exit mobile version