Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

فرنسا “الاستعمارية” والمغرب “الاستقلالي”

ما زال الرئيس الفرنسي إيمانيل ماكرون، لا يريد أن يفهم دروس التاريخ وما تتيحه العلوم الإنسانية، وهو أن الاستعمار في أفول والاستقلال صاعد ومتصاعد، ونقصد هنا الاستعمار بكافة أشكاله، الوجود العسكري في القارة الإفريقية والتحكم في النظام المالي لكثير من البلدان وإنهاك طبيعتها وثرواتها، والاستقلال بكافة أشكاله وعلى رأسها “عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، ولم يستوعب أن المغرب يخوض معركة “الجهاد الأكبر” لن يعرف مستوى غضبه الذي لا تضاهيه البراكين الفوّارة.
حاول ماكرون خلال جولته ببعض الدول الإفريقية أن يسوق لمنظور فرنسي جديد، ويمكن التأكيد على أن من بين أربع دول سيزورها ثلاث رفضت التصويت في الأمم المتحدة على قرار يطالب روسيا بالانسحاب من أوكرانيا، بمعنى الدول في هذه القارة الصاعدة ترفض توجهات فرنسا الاستعمارية في كل شيء، وبينما انتقد الوجود العسكري لبعض الدول في إطار اتفاقيات أو مجرد فرقعات إعلامية تحدث عن القواعد العسكرية الفرنسية في إفريقيا. ماذا تفعل أنت هناك يا ماكرون حتى تنتقد غيرك؟ وفي أي شيء تهمك سيادة دول لها اتفاقيات مع دول غيركم؟
أراد ماكرون تبرئة بلاده من التورط في قضية التحرش بالمغرب في البرلمان الأوروبي، الذي أصدر قرار إدانة غير مفهوم ومن غير مناسبة، بعدما تحدثت تقارير عن انخراط فرنسا في الحملة ضد المغرب، خصوصا وأن الإعلام الفرنسي شن حملات منظمة وطوال أسابيع لتشويه صورة المغرب وسمعته، ولكن كل الدلائل تورط ماكرون.
قال إنه يسعى إلى استمرار علاقات وتواصل جيد مع المغرب. لا أحد يقول لا. والدبلوماسية تقتضي اقتناص الفرص، لكن لا يمكن للمغرب أن يستمر في تحمل “طفوليات” نظام استعماري متهالك يعاني اليوم من ويلات الحرب في أوكرانيا، حيث لا هو عاد فاعلا في الجغرافيا السياسية كما كان يعتقد إذ بقي تابعا للأمريكي، ولا هو استطاع الحفاظ على نمط الاستهلاك لمواطنيه، الذين كان يرشيهم بالرفاهية التي تتم على حساب شعوب أخرى.
إفريقيا التي دخلها ماكرون لم تعد هي إفريقيا في الماضي. أجيال جديدة تسعى للبناء ودول تنهض، وإفريقيا اليوم كبحيرة تماسيح لا يستطيع “المرفه الفرنسي” أن يسبح فيها، حيث توجد بها اليوم القوى الكبرى في العالم كاملة وتوجد فيها إقليمية ومحلية، وهي القارة التي يرفع فيها المغرب شعار “رابح رابح”، بمعنى طرد الناهب وها هي دول صغيرة تطلب من فرنسا الخروج النهائي ومغادرة جيوشها.
المغرب يتميز بالوضوح التام، وجلالة الملك أعلن في خطاب بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء أن زمن التعامل الغامض مع المغرب انتهى، فأي اتفاقية سيوقعها المغرب مع أي بلد لابد أن تتضمن أقاليمه الجنوبية مطالبا الدول قصد التعامل “الندي” بتحديد موقفها من قضية الصحراء المغربية ومبادرة الحكم الذاتي، وهذا ما تفهمه فرنسا جيدا ويحاول ماكرون الالتفاف عليه بخطاب مليء بالتناقضات.

Exit mobile version