Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

فصل المقال فيما بين اليسار والإسلاميين من اتصال

رشيد لزرق*
تسير الصراعات داخل الأحزاب السياسية بشكل متسارع بعد نتائج انتخابات الثامن من شتنبر لسنة 2021. ويبقى تدبير تداعيات الهزيمة التي عرفتها العدالة والتنمية، متنافرا بين حقيقة استقالة الأمانة العامة وما يرافقها من تبادل للاتهامات داخل تنظيم العدالة والتنمية.
وخلافا لما يقوم به البعض، في محاولة مقارنة العدالة والتنمية ببعض التنظيمات عند التشبيه والمقارنة التي قد تكون بلا جدوى. وذلك يرجع لكون طبيعة بنية العدالة والتنمية مختلفة عن باقي التنظيمات الحزبية، لهذا فإن آليات تصريف المواقف وتدبير الخلافات لا تكون من خلال الأجهزة، بل تدبر من داخل الجماعة الأم المرتبطة بالمشرق، والأجهزة الحزبية تقوم فقط بتسويق القرارات العابرة للأوطان لكي تظهر أنها تجربة ديمقراطية محلية.
وعلينا أن نتذكر كيف أن منع بنكيران من الولاية الثالثة بأوامر نافذة من شيوخ جماعة التوحيد والإصلاح، أما المجلس الوطني فقد كان مجرد مشهد تصويري فقط. بل من المتوقع أن يتفاقم التطاحن الداخلي بين تيار الاستوزار المنهزم وتيار بنكيران المنتقم. ويبقى أمر تجاوز هذه الخلافات رهينا بالقرار المستلب لشيوخ الجماعة الأم.
ولسنا في حاجة إلى إعادة التنبيه إلى أن أساس هذا الصراع المصلحاتي، لم يفرزه النضال الوطني ذو المبادئ الديمقراطية المتمسكة بقيم الحرية وتطوير الديمقراطية وسلاسة التداول والتعددية. وذلك ضمن هيكل تنظيمي ديمقراطي الأهداف والغايات. فهم في الأصل جماعة دعوية دينية، ظهرت فيها أوليغارشيا المصالح الدنيوية التي يطغى عليها النزوع السلفي نحو تقاسم الفيء والنفوذ المهيمن وتلبيسات تكفير الثقافات المحلية، التي غالبا ما تتحول إلى تناحرات تنظيمية نسفت سيادة الكثير من الدول الإسلامية.
نعم قد يكون لعودة بنكيران ذي الكاريزما القيادية دور يلعبه في بناء الكتلة التاريخية بين اليسار والإسلاميين، بحكم رمزيته كرئيس لحكومة مغربية التي كان فيها عزيز أخنوش مرؤوسا. بل ستكون لعودة بنكيران إشارة حملة تطهير التنظيم من الأشخاص الذين استفادوا من سنوات التدبير من خلال الدفع بالذين احترقت وريقاتهم على الهامش. كما قد تكون الخطة البديلة تجميع طوائف الإسلاميين داخل حزب جديد ينهي صراع التكتلات الدعوية حول النفوذ السياسي وذلك قصد توفير قاعدة سياسية مشتركة لبروتوكولات الجبهة المغربية الإسلامية.
العدالة والتنمية في المرحلة القادمة إذا أراد أن يلعب دور المعارضة المؤسساتية فعليه الإجابة عن سؤال محوري يفرضه النسق الهوياتي الوطني، بعيدا عن منطق الضبابية وتكريس قيم الوضوح السياسي، والذي يفرض عليه التمييز بين العمل السياسي والعمل الدعوي، فما يقع اليوم يظهر بالملموس أن ادعاء التمايز لا يخرج عن كونه تكتيكا سياسيا فرضته المرحلة، تحت مبرر براغماتي صرف، غايته إسقاط تهمة السعي للتمكين، وقد أملاه منطق الاندماج المؤسساتي والانحناء لضغوط يفرضها السياق الإقليمي، المتمثل في فشل التجربة المصرية لاعتباره التنظيم الأم. هل حزب “العدالة والتنمية” حزب سياسي مدني أم أداة وظيفية لحركة التوحيد والإصلاح الدعوية. بما أنهم قد يقامرون بالمراهنة على إسقاط الحكومة بقوة الشارع إذ سيسعى لتنزيل التحالف مع العدل والإحسان وشراء ذمم كتلة المعارضة الإسلامية/الاشتراكية.

* أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل القنيطرة

Exit mobile version