يحكى أن بائع لبن، أو لبّانا، كان يمزج اللبن بالماء، حيث يضع جراته، ويملأ النصف باللبن والنصف بالماء، ورآه القرد زعطوط، فانتقم منه شر انتقام، حيث سرق كيس النقود وجلس جنب الواد يرمي قطعة في الواد وقطعة في كيسه، فقال بائع اللبن بعد تنهيدة كبيرة: فلوس الماء رجعت للماء وفلوس اللبن أخذها زعطوط.
كبرنا لنعرف أن زعطوط هذا قد يكون قردا عالميا شبيها بالموزيلا، الكائن العملاق الغريب، الذي ستوقده التجارب النووية من نومه العميق، إنه الشركات المتعددة الجنسية، التي تسرق المال والماء والخضر واللحم وكل شيء.
رئيس الحكومة عندما جاء إلى مجلس المستشارين، للجواب عن أسئلة ممثلي الأمة حول السياسات العمومية في المجال الفلاحي، كانت منتشيا جدا، مفتخرا بما حققه المغرب الأخضر من أرباح كبيرة من خلال التصدير.
واعترف أخيرا. ما يهم المغرب الأخضر هو التصدير. نعم تصدير البضائع إلى الخارج قضية جيدة لأنها توفر العملة الصعبة، لكن ما قيمة العملة الصعبة في الوقت الأصعب عندما تفقد السيادة الغذائية؟ حينها يضحك عليك زعطوط الأوروبي وتترك الأفواه جائعة هنا، حتى أن الخضر التي كانت رخيصة جدا أصبحت اليوم بالثمن الغالي.
ليس هناك معيار واحد لتقييم النجاح في المغرب الأخضر، فرئيس الحكومة، الذي هو رئيس تجمع المصالح الكبرى، لديه معيار واحد في النجاح، ويتعلق بحجم الأرباح التي حققتها الشركات الكبرى، وهذا هو الهدف الخفي من وراء صرف المال العام على الفلاحة، التي يستفيد منها الآخرين من الدول الأوروبية وغيرها.
من العار أن يصرف المغاربة أموالهم على الفلاحة التي يستغل خيراتها مواطنون من خارج المغرب. هاذي هي فلوس الفلاحة يديها زعطوط الأوروبي.
من العار أن يكون لدينا مخطط لمدة 15 سنة وزيادة حول المغرب الأهخضر وتمويلات ضخمة وصناديق مفتوحة، وفي النهاية أسواقنا فارغة من الخضر، أما الفاكهة فهي طعام المترفين، وتصبح الأشواق مشتعلة لا يقدر عليها المواطن مهما كانت فئته.
ومن العار أن نصرف الملايين من الدراهم والملايير أيضا على مخطط المغرب الأخضر وفي النهاية نجد أن سيادتنا الغذائية مهددة في الصميم، وأنه لا يمكن أن نأكل مما نزرع، أما أن نلبس مما نصنع فهذه حكاية أخرى يعرفها تجار الاستيراد، الذين يحاربون المنتوج الوطني، فالسيادة الغذائية أهم ما يمكن أن يتحدث عنه الإنسان في واقع من هذا النوع، ولو ذهبت أموال المغرب الأخضر إلى مكانها الطبيعي لكنا اليوم في مأمن من التحولات والتقلبات التي يعرفها العالم.
ومن العار أن نمول مخططا ضخما وفي النهاية “نستمتع” بكرنفال الأبقار البرازيلية في الرباط، التي فضحت المستور، فلا نحن مالا أبقينا ولا سيادة غذائية حققنا لكن الشركات الكبرى حققت أرباحا من حق أخنوش، زعيم تجمع المصالح الكبرى أن يفخر بها.
فلوس الفلاحة يديهم زعطوط الأوروبي
