Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

فيروسات المال و السلطة والانتخابات

طارق ضرار

في زمن الوباء تطفو على سطح الكلمات والأحاديث مصطلحات تقنية وصحية وطبية… ترافق الانسان في خضم صراعه مع الوباء… وهنا يمكن أن نسقط مصطلح فيروسات على بعض التصرفات و المعاملات “الخطيرة” في زمن الانتخابات أيضا.. ويمكن أن نطلق عليها وصف “القاتلة” للديمقراطية و للمسار التنموي كذلك …كما يمكن أن نجد طفرات وبائية للفساد…وقد نرى منحى وباء الفساد الانتخابي يرتفع وينخفض حسب مناعة المجتمع أمام سلطة المال….
وإذا كانت البيئة الصحية والمناعة الجماعية السلاح القوي ضد الوباء وضد تسلل الفيروسات الى الإنسان، نرى أن الثقافة والفكر و المعرفة سلاح ضد وباء الفساد وفيروس السلطة و المال… فعند التمحيص في بيانات التشخيص المرضي للحملات الانتخابية، نرى على مستوى الحال الصحية لأجواء الانتخابات غياب خطاب سياسي و مجتمعي هادف إلى تحقيق مصلحة وتنزيل برامج قابلة للتنفيذ بالعمل و الفكر و الثقافة… كما نرقب في بعض المناطق محاولات اليسار للاعتماد على مرشحين يحملون قدرا من الفكر و الثقافة تكون لهم حصنا ومناعة أمام فيروسات المال و السلطة… فيما تقف باقي الأحزاب في مسافة بعيدا عن خطاب متزن…إذ نرى البام بخطابه المتوتر و المتشنج وبوجوه تحن لزمن القياد و أفراد جلهم من عالم التجارة والمال…كما يشاركهم في ذلك أخنوش ورباعتو. … لا خطاب لا أفكار لا رؤية الحديث كل الحديث عن برامج مالية و “رشوة مقننة” في مخاطبة الحاجة والآفة والفقر…لاستمالة الضعفاء بخطاب الدراهم….
في زمن وباء الفساد الانتخابي تتسلل الفيروسات الى الفئات الهشة و الضعيفة والفقيرة، وتنخر بيئة المجتمع، حتى نرى متحورات فيروسية شديدة الخطورة عند الصعود الى البرلمان والمجالس المنتخبة، تنتج قوانين لمصالحها الشخصية وتُشرع لصالح لوبيات المال و الأعمال….ويبقى جسد المجتمع مريضا بعد تسلل فيروس الرشوة والمال بتلقي 200 درهم أو 100 درهم من مرشح للانتخابات… حركة بسيطة ربما قد تلبي حاجة يوم واحد من العيش بحليبها وزيتها وسجائرها وقوتها وقليل من الخبز تنهى به في غفلة من الزمن مرحلة المناعة المجتمعية ضد سلطة المال….
وارتباطا بالوباء ووباء الانتخابات وفسادها..قد يكون الحل في لقاح فعال…وهنا يمكن أن نرى اللقاح في دعم الثقافة والمعرفة وصحافة جادة تنير درب الرأي العام وإعلام عمومي يسطر برامج متنوعة تروم مخاطبة العقل و الفكر.. هذا اللقاح لا يحتاج بالضرورة تجارب سريرية و لا متطوعين و لا مسار عام من التجربة…لقاح مجرب وفعال لسنوات وعقود في مجتمعات غربية تصنف اليوم بالدول المتقدمة…لقاح لا يحتاج الى أموال أو شرائه من الصين ولا بريطانيا… يحتاج الى مدارس ومكتبات وإعلام حقيقي لمحاربة فيروسات المال و السلطة… ودعم الابداع و الفكر و الشعر و الأدب و العلوم… والانتصار للغة الحضارة …ومساعدة الناس على الفهم الجيد للأمور بتقديم أسلحة فكرية للتحليل و المناقشة عوض لغة التعصب و التطرف والمال….لقاح الثقافة و الفكر لطالما كان الوسيلة الأنجع لخروج مجتمعات من وباء وطاعون الفساد المالي والتخلف… لقاحات اعتمدت في جيناتها على الفكر و الثقافة والمعرفة في تعافي المجتمعات من مرض الرشوة و الحاجة والفقر….

Exit mobile version