Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

في خاطر أبي كِـيـلة ..

محمد عفري

كأنهم لقوله مُذعنون عن سبق إصرار،وهو يردّد ،من كان مُتيّما بالحزبين التقليديين فإنهما قد ماتا،ومن كان محبا للسلفادور، فإنها بلدنا الذي لن يموت ..نعم ؛ رغم الحرب الأهلية التي عمرت طويلا ورغم البؤس ورغم الهجرة الجماعية والفردية وبكل الأشكال نحو الولايات المتحدة وغيرها فإنها ستعيش..

تلك كانت حملته الانتخابية، وذلك هو صاحبها، نجيب أبو كيلة قطّان،الفلسطيني الأصل،الرئيس الشاب الجديد للسالفادورالذي أينع من حزب ثالث بعدما وضع فيه مواطنوه ثقتهم ليكون “ولي أمرهم” …

تحصيل حاصل أن يكون إعجابي من إعجاب جل المغاربة  كبيرا بهذا الرجل،الذي فور جُلوسه الرسمي على كرسي أجسم المسؤوليات ببلاده في 3 يونيو الجاري ،قد قرر بعد أقل من أسبوع،إعادة تقييم علاقات بلاده الخارجية مع المغرب،ليعلن بهذا التقييم قطعا باتا مع الاعتراف بجبهة البوليساريو الذي أقامه أسلافه قبل ثلاثين سنة،وليبعث علاقات البلدين الثنائية، متعددة الجوانب  متوهّجة طموحة،أهمها دعم الوحدة الترابية للمغرب، وليضرب،ثالثا،أصحاب أطروحة الانفصال وأنصارها في تندوف وخارجها الضربة التي تميت قبل أن تُوجِع..

إعجابي زاد حين علمتُ أن ابن بيت لحم،ذا السبع وثلاثين ربيعا رجلُ مسلم معتدل، من أب فلسطيني مسلم، وإن كانت أمه مسيحية، وأنه أمّ الناس في مساجد العاصمة سان سالفادور حتى بعد أن صار عُمدة لها ومساجد غيرها ، قصّ شاربه تارة وأعفاه مرات كما أعفى لحيته السوداء. طفح إعجابي أكثر حين أدركت أن الرجل  لم يجعل لا الإيديولوجية ولا الدين مطية للوصول إلى السلطة، بل جعل من التقرب من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي،ومنها”تويتر”،على الخصوص، قاعدة لحملته الانتخابية والاجتماعية والسياسية،إلى درجة نال معها لقب ” ملك التويتر”.

قارنت بينه وبين آخر”جهابدة” الدين في بلدي العزيز؛ أقصد زعماء “البّاجدة” نسبة إلى “البي جي دي”،ذي المرجعية الإسلامية، الذين قادوا سفينة مغربنا منذ 2011، بعد أن  غرّروا بالآلاف من الشباب المتطلعين إلى العمل والاندماج الاجتماعي والتنمية المختلفة ومثلهم من آلاف النساء التوّاقات إلى غذ مشرق ،تتساوين فيه مع “إخوانهم” الرجال في كل شيء،إلا في الميراث طبعا، رسموا لنا مغربا ورديا، “مدينة فاضلة”، لا مفارقات فيها ولا اختلال ولا ظلم ولا ازدراء ولا مرض ولا بطالة، بل بحقوق وافرة في الشغل والصحة والتعليم والسكن، في البادية والمدينة على حد سواء،لكنهم ألزمونا ، حِيطة وحذرا،بوضع نظارات سوداء في الجيب ،نلبسها من حين لآخر لنقف على حقيقة السواد القاتم الذي خططوه لنا عن إصرار وترصد، بالزيادة في الأسعار والاستقرار على حال الأجور والرفع من سن التقاعد، وتجريم حق الإضراب والرقي السلبي في معدل البطالة والتراجع بنمو الاقتصاد والزيادة في ترهيب وتنفير المستثمرين وتكريس اللاّعدالة في الضريبة، وبهدم المدرسة العمومية وتفويتها للعقار..

قارنت بين نجيب أبي كيلة الذي هو في بداية مساره وبين بنكيران الذي انتهى بنهاية الكلام لديه،وجدت أن اللحية وحدها تجمع بينهما (وقس على ذلك باقي الإخوان في “البيجيدي”)، أما الباقي  فسماوات وأراض من الفوارق.

بنكيران أطلق لسانه في سياسته للنكت والمستملحات ضحكا على ذقون من وضعوا فيه ثقتهم، استطاع أن يحمي إخوانه في ثروتهم الفاحشة ومناصبهم الوثيرة وفي كبائرهم التي لا تغتفر، إلى درجة الانتحار السياسي ،سواء في قضية “الكُوبل” الشهيرة بين الشّوباني وخلدون، أوفي قضية أيت الجيد الذي أقسم بأغلظ الأيمان ألا يسلمه إلى العدالة.

أبو كيلة أطلق العنان إلى تدوينات هادفة عبر “التويتر”، قوامها المحاسبة عن المسؤولية وشعارها ” تُؤمَر بأن..” ..تؤمر بأن ترد الأموال إلى الدولة.. تؤمر بأن تخلي المنصب الفلاني .. تؤمر أن تتحاكم ..وهكذا..

بنكيران ألح أن يبيع الوهم للمغاربة،ألح  ألا يتقاعد إلا بأكثر من معاش واحد، من التربية والتعليم ، من البرلمان، من رئاسة الحكومة، ومن تقاعد استثنائي و دائم، لايقل عن سبعين ألف درهم..

بنكيران امتشق ويمتشق سيف الدين من أجل السلطة والمال. أبو كيلة حين زار إسرائيل وضيقوا عليه بـ”لازمة ” التطبيع، قال أنا مسلم ومؤمن.. أنا أتعايش..

بنكيران الذي انفتح من أوله إلى آخره على الولايات المتحدة الأمريكية ،الراعي الأول لإسرائيل وحاضنته الحنون، ظل يقول أنا الإسلام وبعدي الطوفان، و لو أن ألا أحد أكثر من الآخر إسلاما أوإيمانا في زماننا إلا بعلم الله..

Exit mobile version