Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

قانون الكيف والمصالح الـمُرسَلة

محمدفارس

في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، بعث [أينْشتاين] عالم الفيزياء برسالة إلى [فرويد] المحلل النفساني، يقول له فيها: [إن العالم مُقبل على حرب مدمرة ستكون وبالاً على الإنسانية جمعاء؛ ونظرًا لمكانتك وشهرتك، فإني أرجوكَ كي تنضم إليَّ عسانا نُجنّب العالم هذا الدمار الذي يلوح في الأفق]؛ فأجابه [فرويد] على الفور برسالة يقول فيها: [إنّي أقدر لك مشاعركَ النبيلة، وإذا كنتَ ترى أن الحربَ ستكون كارثة، فإنّي أراها طبيعيةً وضروريةً للإنسانية؛ شكرا لكَ على رسالتك]، ومن ثمة كانت القطيعة بيْنهما، ورُبّ متسائل يتساءل عن سبب كتابة هذه القصة، وجوابي هو أنه تقريبًا ما حصل بيْن [بنكيران] أستاذ الفيزياء، و[العثماني] الطبيب النفساني بخصوص [قانون الكيف] ممّا يُذكر برواية [الإخوة كرامازوفْ] للأديب الروسي [دوسْتيفسكي] ومعناها [الإخوة الأعداء] وإنْ كان يجمعُهما حزب اسمه [العدالة والتنمية]، والغريبُ في الأمر، هو كيْف لم تستطع العلاقة مع [إسرائيل] أن تُفرق بيْنهما، فيما تسبّب [الكيفُ] في تفرقة بين أعضاء هذا الحزب ذي الخلفية الإخوانية والدينية، ولا نُنكر أن [العثماني] الطبيب النفسي قد تفوّق على [بنكيران] أستاذ الفيزياء..

لن يجدَ [بنكيران] من يسانده، فيما [العثماني] سيسانده أصحاب [الشّقُوفَا]، كما سيجد إلى جانبه بعض رجال الدين ممّن يقولون [بالمصالح الـمُرسلة]، ومعنى ذلك، هو أنّ بعض الأمور يمكن السّماحُ بها إذا كانت فيها مصلحة حتى وإنْ كانت مكروهة من الوجهة الدينية، وهناك بعض المذاهب التي تقول بذلك، وأعْفي نفسي من ذِكرها لأسباب وجيهة.. والملاحظ هو أنّ [العثماني] بسبب [الكيف] حظيَ فجأةً بالإجماع والمساندة من طرف من كانوا منذ أيام يوجّهون له سهامَ انتقاداتهم، وربُما ينقذ [الكيف] مستقبلَه السياسي، ومَن يَدري؟ فالكلّ صار ينْسب لهذه النّبتة الملعونة إيجابيات وفوائدَ جمّة، حيث يتحدّثون عن استعمالات طبية، وعن التجميل، وعن الصناعة، وقد يُصبح [الكيفُ] أنجع لقاح لوباء [كورونا]، فكل شيء جائز في عالم [اللامعقول]، ومن يُدْرك (اللاّمعقول) يَرتبط به دوما كما يقول [ألبير كامي] زعيمُ [فلسفة اللاّمعقول]..

[العثماني] باعتباره طبيبا نفسيا، يعْرف أن سياسة حزبه قد أورثَت المواطن الهمَّ والغم، مما جعل نسبة الانتحار، وحوادث العنف ضدّ النساء، ترتفع، فأدْرك أن [الكيف] يمكن أن يكون علاجًا فعّالا لهذه القضايا المرتبطة بالأحوال النفسية، وهو ما حدا به إلى المصادقة على (قانون الكيف)، كما أن الزّوج وإن كان متزوّجا بقردة، فإن (السّبْسي) سيجعله يراها غزالةً، وهذا يدخل في باب التّجميل مثله مثْل العلاجات الطّبية للأحوال النفسية الـمُزرية التي تؤدّي إلى الغمّ، والانتحار، والعنف ضد النساء، وقس على ذلك، وهو ما يجعلهم يتحدّثون عن العلاجات الطّبية التي سيُستعمل فيها [الكيفُ] كعلاج.. كان لي صديق يقود القطار من (طنجة) إلى (مراكش) ليلا، وذات يوم، قال إنّ النّوم لا يغالبه طيلة الرّحلة، فقلتُ له: وكيف ذلك؟ قال: [أضْربُ جُوجْ شْقُوفَا دْيال الكيف، فلا يُغمضُ لي جَفْنٌ]؛ وهذا دليل على أن [الكيف] سيساعد في التّقليل من حوادث المرور إنْ نُصِح السائقون بتعاطيه قبْل السّياقة.. وأما الصّناعة التي يتحدّثون عنها، فهي أن الصّناعَ التّقليديين الذين يُزوِّقون [السّبسي] وينمّقونه، سوف ترتفع مبيعاتُهم، بالإضافة إلى انتعاش سياحة [الكيف] رغم تفشّي وباء (كرونا)، وهذا من فوائد [الكيف]..

حتى السّينما ستَنْتعش، لأن المشاهدين تجذبُهم أفلام [الكيف]؛ فيوم عُرض فيلم [La route du kif] الذي صُوِّر في شمال (المغرب) بالقاعات، حقّق مشاهدةً قياسية خلال السّبعينيات، وكان مليئًا بـ[l’Action et le suspense]، لكن ماذا عن الغناء، والفن، والطّرب؟ خلال السّبعينيات، كان المغنّي الشهير، زعيم مجموعة [رولين ستونْس] وهو [مايكْ دجِيغير] يزور كلّ سنة قريةً في شمال (المغرب)، اشتهرت بـ(الغَيْطة)، و(السَّبْسي)، و(الشّاي)، فكان يُقيم مع البَدْو أيّامًا عديدة، يَرقص على أنغام (الغيْطة)، ويرْشف (الكيف)، ويَحتسي (الشّاي بْرَزتو)، فأوْحت له إحدى زياراته أن يُنتِج أسطوانةً شهيرة، حملتْ اسمَ هذه القرية، وأنا الآن بصدد البحث عنها وسط رُكام الشرائط والأسطوانات، وسكّان القرية لم يَعرفوا يومًا أن الزائر هو فنّانٌ عالمي، رئيسٌ لفرقة غنائية مشهورة في العالم.. سوف ترى [الكيف] في الإشهار، حيث ستشاهدُ رجلاً مغبونا، فيسأله صديقُه: يَظهر أنّكَ حزينٌ ومغبون.. فيجيب الصّديق: نعم؛ أنا مهموم.. فيقول له الصّديق: إذن، دِيرْ بْحَالي؟ فيقول الرّجُل الحزين: كِيفاش؟ فيجيبه الصّديقُ ناصحًا: عليكَ بِشِي شْقَف، وأنتَ تكُون مَزْيان.. وبعد أن يَرشف الحزينُ شَقْفًا من (الكيف)، سَيُظْهرونه لكَ ضاحكًا وغَيْر مهموم، ثمّ يقول للمشاهدين: إذا كنتَ مهمومًا، ها الحلّ! ويُظهِر السَّبسي على الشّاشة.. وهكذا، فإنّ [العثماني] سيكون قد أبدعَ أعظَم إنجاز في أواخر أيام ولايته، ونحن نقول: لا حوْل ولا قوّةَ إلاّ بالله!

Exit mobile version