Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

قبلة على جبين “الديستي”

طارق ضرار
هرول إليها دون شعور..أدار سلاحه الى ظهره…تحسس قناعه الأمني…أمسك رأسها… رائحة الحناء تفوح جمالا من رأسها… و أهازيج نصر ترتفع في الزقاق وصل صداها سماء طنجة يومها…. عيناه يملأها دمع الحنين… قبل رأسها بشدة…. وأكمل المسير… كانت كلمات ودعوات “الله يرضي عليكم آ ولدي.. الله يعاونك عليهم”.. جعلته يجري نحوها في مشهد بين الأم وإبنها… إنه مشهد ظل يداعب فكري طيلة اليوم… وأشعرني بإحساس جميل، لم يكن المشهد عاديا و لا مألوفا… بل كانت لحظة حب وإحترام لعناصر أمنية تهب حياتها فداءا لهذا البلد…كانت لحظة تقبيل عنصر من عناصر “البسيج” التابعة لـ”الديستي” لرأس إمرأة مسنة ، تعبيرا عن التلاحم القوي بين الأمن و المجتمع لمواجهة مخاطر الإرهاب.. تلاحم بملامح أسرية وعائلية قلما تجدها في بلدان أخرى…

كان المشهد عظيما، عظم تدخلات عناصر “البسيج” المكتب المركزي للأبحاث القضائية في تنسيق رائع مع عناصر “الديستي” المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، مشهد من مشاهد مغربية يجسد الاستثناء المغربي في كل شيء.. مشهد يفسر تفوق المغاربة على الإرهاب على الجريمة و تفوق المغاربة على أعداء الوطن ..تفوق المغاربة على مخططات خارجية لضرب السلم و الاستقرار… إنهلا لا شك مشهد بسيط لكن معانيه كبيرة وقوية…لا يخبرها إلا علماء السوسيولوجيا في دور الفرد في المجتمع و قوة الترابط المجتمعي في خلق التماسك الإجتماعي الذي تحدث عنه العالم “دور كايم”…

لا زال المشهد عالقا في ذاكرتي.. رجل من رجالات الحموشي .. يرتدي بذلته العسكرية مدجج بسلاحه يرتدي قناعه الأسود… في منظر يصيبك بنوع من الهلع من هيبته.. لباسه وهيأته توحي اليك على القسوة و الشدة والقوة…حتى جاء مشهد تقبيل رأس مسنة.. ليكشف عن حقيقة ما بداخل ذاك الشرطي وعنصر الأمن المكلف بمحاربة الإرهابيين.. ليكشف عن طيبة أبناء هذا الوطن بـ”البسيج” و “الديستي” ليكشف عن إحساس العائلة لدى عناصر الأمن… مشهد قال فيه “أنا أحمي أمي و أختي و زوجتي وأبنائي من الإرهابيين”… لم يكن المشهد عاديا ففي خضم الحرب على الإرهاب.. ووسط شوارع و أزقة طنجة.. وفي قلب الهجوم على مسكن إرهابي خطط لعمليات تفجيرية عن بعد.. سارع الأمني الى تسجيل نقطة في سجل العلاقة الكبيرة بين الأمن و المجتمع في المغرب….
وهنا نقف وقفة تأمل عند إحدى خطب جلالة الملك محمد السادس ، حيث قال “من حق المغاربة، بل من واجبهم، أن يفخروا بأمنهم “، فـ “رجال الأمن يقدمون تضحيات كبيرة، ويعملون ليلا ونهارا في ظروف صعبة من أجل حماية أمن الوطن واستقراره، داخليا وخارجيا، والسهر على راحة وطمأنينة المواطنين وسلامتهم “.

تماسك إجتماعي و إرتباط قوي بين المغاربة و عناصر الأمن.. تجسده عند كل عملية إقتحام لأوكار الإرهابيين هتافات و شعارات تحيي عناصر الأمن وتدعو لهم بالخير.. وقبلة في جبين إمرأة مغربية وتحية لعنصر الأمن … مشهدان سيظلان يحملان نوعا من العرفان العفوي تجاه العناصر الأمنية، عناصر تثابر لحماية المغاربة من شرور الظلام و الإجرام و الإٍرهاب ، أمن مغربي يقاوم ليل نهار لإحباط مخططات دموية، أمن مغربي يناور لإسقاط خلايا إرهابية نائمة…. لقد كان الخروج لتحية العناصر الأمنية .. وساما مجتمعيا يضيء درب أمنيين أبدعوا في إقتفاء أثر الإٍهابيين في المغرب و في العالم…

Exit mobile version