دخل قضاة المغرب على خط الصراع مع وزير العدل، رافضين “التغول” السياسي لوزير العدل على القوانين و القرارات وغياب اشراك الهيئات و التنظيمات القضائية والفاعلين في مجال العدالة، حيث أعلن نادي قضاة المغرب، مقاطعة ندوة وطنية لوزارة العدل حول موضوع “المساواة والعدل في الأسرة المغربية”، والمرتقب تنظيمها يوم الجمعة المقبل، وهي الندوة التي تأتي، حسب الوزارة في إطار مقاربة تشاركية تهدف إلى وضع خارطة طريق لملاءمة التشريعات الوطنية مع الدستور والاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة.
وشدد قضاة المغرب على أن مقاطعة الندوة، ترجع إلى “عدم شمول هذه المقاربة للعديد من القرارات والمشاريع المتعلقة بمنظومة العدالة، أهمها جملة من مشاريع القوانين التي تم إعدادها دون إشراك “نادي قضاة المغرب”، وأكد نادي القضاة أن “الديمقراطية التشاركية، كما هي منصوص عليها في الفصل 12 من الدستور، مبدأ كوني دستوري لا يقبل التجزئة”، مسجلا أنه، وإلى حين تعميم المقاربة التشاركية على كل القضايا ذات الصلة، فإنه يقرر عدم المشاركة في الندوة المذكورة.
وكانت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، قررت قطع العلاقة مع عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وذلك بعد اجتماع طارئ عقدته، للرد على تصريحات حول الجمعية ورئيسها وأعضائها، كما قررت خوض وقفة احتجاجية ضد ما جاء به وهبي من مسودة المشروع وامتحان الأهلية.
واستغربت الجمعية في بلاغ لها تصريحات وهبي، حيث كشفت أنه في الوقت الذي كانت تنتظر تجاوب وزير العدل مع دعوته للحوار لتجاوز هذه الأزمة الناتجة عن انفراده بإعداد مسودة مشروع قانون المهنة وترسيبها وبالإعلان عن إجراء امتحان الأهلية لولوج مهنة المحاماة، فوجئت بالهجمة الشرسة التي شنها وزير العدل على مكتب الجمعية بالافتراء على رئيسها واتهام أعضائها بالكذب والسعي وراء مصالح كبرى، والإعلان عن إغلاق باب الحوار في خطوة لم يسبقه إليها أي من وزراء العدل السابقين.
وأوضحت الجمعية، أنه بعد المناقشة والتداول في التصريحات غير المسؤولة لوزير العدل، وتأكيد تشبثه بموقفه من المسودة المسربة والإعلان عن تنظيم امتحان الأهلية، فإنها تعلن نفيها القاطع بأن يكون رئيس الجمعية هو من طلب من الوزير إجراء امتحان الأهلية، كما عبرت أيضا عن رفضها وإدانتها للتصريحات غير المسؤولة لوزير العدل نظرا لما انطوت عليه من انعدام المسؤولية واحترام الأعراف المرعية عند مخاطبة النقباء وأعضاء مكتب الجمعية والمحامين عموما.
وأدانت الجمعية أيضا، ورفضت الافتراءات والاتهامات التي وجهها وهبي لرئيس الجمعية وأعضاء مكتبها، كما شجبت لغة التهديد الصريح أو الضمني الوارد في تصريحاته، ودعته للتحلي بالجرأة والشجاعة للكشف عن المصالح الكبرى التي ذكرها في لقائه الإعلامي، والإفصاح عن المقصودين بها.
وأعلنت الجمعية وقفها لكل أشكال التعامل مع وزير العدل في ظل المناخ الحالي، وثمنت وقفة 21 أكتوبر 2022 المعلن عنها، وكل المبادرات النضالية الكفيلة بصيانة كرامة المهنة وشرفها واستقلاليتها.
كما جدّدت دعوتها للحكومة لفتح حوار جدي ومسؤول حول مختلف المواضيع المرتبطة بمنظومة العدالة عموما ومهنة المحاماة على وجه الخصوص، بما يضمن استقلاليتها وحصانتها، وأعلنت عزمها اتخاذ كل الخطوات النضالية اللازمة لضمان استقلالية مهنة المحاماة واحترام مؤسساتها التمثيلية.
و وصف المحامون بالمغرب تدابير الحكومة الضريبية الجديدة “بالأسلوب السلطوي” الذي نهجته الحكومة في تضمين مشروع قانون المالية المحال على البرلمان مقتضيات بفرض إتاوات “من العصور الوسطى” على المحامين بإلزامهم بالأداء المسبق للضريبة على الدخل.
وشددت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب، ونقابة المحامين بالمغرب، والجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، في بلاغ مشترك، أن الحكومة بقرارها فرض الأداء المسبق للضريبة على الدخل للمحامين، “تضرب كل المبادئ الحديثة لتحديد الوعاء الضريبي وتغيب كل مطالب المحامين بإيجاد نظام ضريبي عادل، على غرار عدد من الأنظمة الجبائية المقارنة”.
ونددت الهيئات المهنية الثلاث، بتعنت الحكومة في رفض إلغاء الضريبة على القيمة المضافة على خدمات المحامين والسعي إلى الرفع من قيمتها، معتبرا أن هذا النهج “يؤكد استمرار عدم اكتراث الحكومة بإثقال كاهل المواطن وحرمانه من الولوج لخدمات العدالة وممارسة حقه الدستوري في التقاضي والإصرار على خنق مرتفقي العدالة”.
وطالب المحامون جميع مجالس هيئات المحامين بالمغرب بتحمل مسؤولياتها التاريخية والمهنية والأخلاقية في عدم خدلان انتظارات المحامين وقيادة انتفاضتهم ضد ما سموه ب”الهجمة الشرسة التي تضرب المحاماة”.
وأكد محامو المغرب، عزمهم تنظيم أشكال احتجاجية غير مسبوقة، في حال استمرار مخطط “التدمير المادي والمعنوي لمهنة المحاماة عن طريق المقتضيات الضريبية الجديدة”، مشيرة إلى أن هذه الأشكال ستشمل مقاطعة شاملة لمرفق العدالة وتنظيم ووقفات احتجاجية واعتصامات بالإضافة لخوض إضرابات عن الطعام.
وناشدت الهيئات، الأحزاب السياسية والفرق البرلمانية بالعمل على تغليب لغة العقل والإنصاف على اعتبارات التسلط وهلاوس الانتقام، وتحمل المسؤولية في إسقاط المقتضيات الجديدة إلى حين إعداد نظام ضريبي عادل للمحامين مبني على مقاربة تشاركية وعلمية للمهنة وأوضاع ممارسيها تراعي خصوصية مهامهم المرتبطة ارتباطا وثيقا بضمان حق المواطنين في الولوج المستنير للعدالة والتمتع بحق الدفاع.
وتضمن مشروع قانون مالية 2023 الذي قدمته الحكومة، مراجعة لنظام فرض الضريبة على المحامين، حيث بات المحامي أو الشركة المدنية للمحاماة، مطالبا تلقائيا بأداء تسبيق برسم الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات على السنة المحاسبية الجارية لدى كاتب الضبط بصندوق المحكمة لحساب قابض إدارة الضرائب، ويؤدى التسبيق المذكور، مرة واحدة عن كل ملف في كل مرحلة من مراحل التقاضي، وذلك عند ايداع أو تسجيل مقال أو طلب أو طعن أو عند تسجيل نيابة مؤازرة في قضية بمحاكم المغرب، والذي حدد مبلغه في 300 درهم بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى، و400 درهم بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية، و500 درهم بالنسبة لمحكمة النقض.
واقترح مشروع قانون المالية للعام 2023، إجراء آخر، يتعلق باستنزال مبالغ التسبيقات من مبلغ الضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل المستحق في آخر السنة عند وضع الإقرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة أو الإقرار السنوي بمجموع الدخل الذي يهم جميع الدخول والعائدات المكتسبة خلال نفس السنة، وفيما يخص المقالات المتعلقة بالأوامر المبنية على الطلب والمعاينات وفقا لمقتضيات الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، فقد حدد مشروع قانون المالية مبلغ التسبيق الخاص بها في 100.
قضاة المغرب يقاطعون وزير العدل
