Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

قمة الاتحاد الأوروبي-الاتحاد الإفريقي.. ترجمة الطموح إلى عمل

تعد قمة الاتحاد الأوروبي-الاتحاد الإفريقي السادسة، التي ستعقد يومي الخميس والجمعة بروكسيل، بأن تكون حاسمة بالنسبة لمستقبل وطبيعة العلاقات القائمة بين القارتين. فأكثر من مجرد التزام سياسي على أعلى مستوى، يتعين على قمة العاصمة الأوروبية أن تفضي إلى خطة عمل تحدد الأولويات المشتركة مصحوبة بإجراءات ملموسة.
وبالنسبة للمسؤولين الأوروبيين، فإن التصريحات في مستوى الطموح، فهم يريدون جعلها فرصة “فريدة” لإرساء أسس شراكة متجددة ومعمقة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، على أساس الثقة والفهم الواضح للمصالح المشتركة.
وعلى نحو ملموس، فإن الهدف يتمثل في إطلاق حزمة استثمارات طموحة لإفريقيا-أوروبا تأخذ بعين الاعتبار التحديات العالمية، من قبيل تغير المناخ والأزمة الصحية الراهنة، ولكن أيضا لتعميق المبادلات حول الآليات والحلول الكفيلة بتعزيز الاستقرار والأمن، بفضل هندسة متجددة للسلام والأمن.
وقبل القمة، حددت فرنسا، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي منذ فاتح يناير 2022، مؤخرا، الوتيرة خلال مؤتمر تحضيري حول العلاقات التجارية الأوروبية-الإفريقية.
وأكد فرانك ريستر، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، المكلف بالتجارة الخارجية والجاذبية، أن “الاتحاد الأوروبي يرغب في أن يظل على مختلف الأصعدة، الشريك الرائد لإفريقيا من الناحية الاقتصادية والتجارية، ولكن أيضا من حيث الأمن، والمساعدات العمومية، والتنمية البشرية”.
وبالنسبة لرئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، ينبغي أن يقوم التحالف الجديد بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي على الازدهار، السلام والقيم المشتركة.
ويظل الاتحاد الأوروبي الشريك متعدد الأطراف الرائد، حيث ازداد حجم المبادلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا بنسبة 20 في المائة بين عامي 2016 و2020 لتصل إلى 225 مليار يورو. كما أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه هي المساهمة الرئيسية في تعزيز التنمية، الاستقرار والسلام في إفريقيا.
وحسب الأرقام الصادرة عن السلطة التنفيذية الأوروبية، تم صرف 21 مليار يورو من المساعدات التنموية لإفريقيا في العام 2016 من قبل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه. وفي العام 2015، استثمرت شركات الاتحاد الأوروبي 32 مليار يورو في إفريقيا، وهو ما يمثل زهاء ثلث إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إفريقيا، ينضاف إلى ذلك، 3,35 مليار يورو مخصصة للصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة، والذي يرتقب أن يولد ما يصل إلى 44 مليار يورو من الاستثمارات، و1,4 مليار يورو مخصصة للبرامج التعليمية في إفريقيا خلال الفترة 2014-2020.
لكن، بينما يتم التودد إلى القارة الإفريقية من كل مكان (الصين، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا …)، والتحديات المشتركة كثيرة، فإن أوروبا تسعى إلى بناء علاقة مستدامة مع جيرانها الجنوبيين؛ فكلاهما يأملان في الاتفاق بشأن إعلان مشترك حول “رؤية مشتركة للعام 2030”.
وقبل بلوغ هذا المسعى، سيجتمع قادة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي حول موائد مستديرة موضوعاتية من أجل مناقشة تمويل النمو، المنظومات الصحية، إنتاج اللقاحات، الفلاحة والتنمية المستدامة، التعليم، الثقافة، التكوين المهني، الهجرة والتنقل، دعم القطاع الخاص والاندماج الاقتصادي والسلم، الأمن والحكامة، وأخيرا التغير .
وفي هذا الصدد، ينبغي على قمة بروكسيل أن تراهن على مظاهر التقدم المحرزة منذ قمة أبيدجان في كوت ديفوار (29-30 نونبر 2017)، حيث كان القادة الأوروبيون والأفارقة قد اعتمدوا إعلانا مشتركا يحدد الأولويات المشتركة للشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا في أربعة مجالات استراتيجية، هي الآفاق الاقتصادية بالنسبة للشباب، السلم والأمن، التنقل والهجرة، والتعاون في مجال الحكامة.
وقد تم التركيز بشكل خاص على الاستثمار في الشباب. فقد كانت هذه أولوية قصوى لكل من إفريقيا والاتحاد الأوروبي، حيث أن 60 بالمائة من سكان إفريقيا تقل أعمارهم عن 25 عاما.
وقد جرى عرض مخطط للاستثمار الخارجي للاتحاد الأوروبي على القادة خلال القمة. وهمت خطة الاستثمار هذه تعبئة 44 مليار يورو من الاستثمارات في إفريقيا بحلول العام 2020، من أجل إحداث فرص عمل جديدة بالنسبة للشباب في جميع أنحاء القارة الإفريقية. وستشكل قمة بروكسيل مناسبة لتقييم مستوى تنفيذ هذه الالتزامات.
ويتمثل الموضوع الرئيسي الآخر الذي هيمن على أعمال قمة أبيدجان في التنقل والهجرة. فقد اتفق القادة الأوروبيون والأفارقة على تعزيز تنقل الطلبة، وأعضاء هيئة التدريس والباحثين عبر مجموع تراب القارة الإفريقية. كما اتفقوا على تعزيز برامج التبادل بين إفريقيا وأوروبا، من قبيل برنامج “إيراسموس”.
وبالإضافة إلى مخرجات القمة الأخيرة، يرتقب أن يمكن اجتماع بروكسيل من نفض الغبار عن استراتيجية إفريقيا-الاتحاد الأوروبي المشتركة، التي جرى اعتمادها في العام 2007 لتكون بمثابة إطار رسمي للعلاقات القائمة بين الاتحاد الأوروبي والدول الإفريقية. فقد تمت المصادقة على هذه الإستراتيجية من قبل الاتحاد الإفريقي ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، وكذا من قبل الدول الإفريقية والبلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وسيتم تنفيذها من خلال خطط عمل دورية. وفي العام 2014، اتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول الإفريقية على خارطة طريق للفترة 2014-2017. وتتضمن خارطة الطريق هذه خمس أولويات ومجالات استراتيجية للإجراءات المشتركة.
وفي مارس 2020، قدمت المفوضية الأوروبية ومصلحة العمل الخارجي الأوروبي مراسلة مشتركة بعنوان “نحو استراتيجية شاملة مع إفريقيا”، حيث اقترحتا العمل سويا في خمسة محاور عالمية رئيسية، هي شراكة من أجل التحول الأخضر والولوج إلى الطاقة؛ شراكة من أجل التحول الرقمي؛ شراكة من أجل النمو المستدام والوظائف؛ شراكة من أجل السلام والحكامة؛ وشراكة في مجال الهجرة والتنقل.
ولم تحدد المقترحات المعروضة الفرص والتحديات التي يتعين رفعها في كل مجال من المجالات التي تم بحثها فحسب، بل حددت أيضا عشر نقاط عمل واضحة ستكون بمثابة أساس للتعاون المستقبلي.
وفي 30 يونيو 2020، اعتمد المجلس النتائج المتعلقة بإفريقيا، م جد دا التأكيد على الأهمية المركزية لتعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا. وأشار المجلس ضمن استنتاجاته إلى أن التواصل المشترك يشكل قاعدة مميزة لإقامة شراكة جديدة طموحة مع إفريقيا.
وفي غضون ذلك، قلبت جائحة “كوفيد-19” الخطط رأسا على عقب. وفي هذا الصدد، يرتقب أن تشكل قمة بروكسيل لحظة محورية لتجديد مقاربة استراتيجية عالمية مشتركة.

Exit mobile version