Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

كان خطابُ العرش ضربةً قاضيةً لأهل الفِسق والفُجور

محمد فاس
كان خطاب العرش بمثابة ضربة قاضية للذين يقاومون دين الله عز وجل، ويريدون تغيير شرائع أتى بها القرآن، ولهؤلاء عناصر تتخفى وراء السياسة، وترفع لواء الحداثة، ولهم كذلك منظمات، وجمعيات، تخدم أجندات أجنبية، تريد ضرب الدين ونسْف الأخلاق وهدم القيم ليستحيل المواطن إلى مجرد كائن لا هو بَشر ولا هو بإنسان ولا هو بحيوان حتى، ويركز هؤلاء في نشاطهم على الأسرة باعتبارها الخلية التي يتشكّل منها المجتمع المتماسك، وخلال خطاب العرش، قال جلالة الملك بعبارة لا لُبْس فيها، ولا غموض، حيث قال إنه، باعتباره أمير المؤمنين، فلن يحلّ ما حرم الله، أو يحرّم ما أحلّ الله خصوصًا في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية، وهذا ما أَثلج صدور المغاربة الأحرار كما سمّاهم جلالة الملك وخاطبهم، فيما كان الخطابُ مخيِّبًا لآمال الذين يصطادون في الماء العكِر، ويَهدفون إلى خراب أُمّة الإسلام..
قد يعترض معترض في هذا الباب، بأنّ الخطاب الملكي السامي كان يتحدث عن مدوّنة الأسرة وعن حقوق النّساء عامةً، وأنّ الأمرَ يتعلّق بالإرث، وهناك أصوات تنادي بالمساواة فيه بيْن الرّجل والمرأة، وأنّ عبارة جلالة الملك تخصّ هذا الجانب فقط؛ ونحن نردُّ عليهم بالقول: هل النّصوصُ القرآنية القَطْعية وردَت فقط في الإرث أم هناك نصوصٌ قرآنية قطعية لا اجتهاد فيها وردَت في قضايا أخرى، أم إنّكم تؤمنون ببعض الكتابِ وتَكفُرون ببعض؟ لقد خصّ سبحانه وتعالى الإرثَ بسورة كاملة، مفصّلة، ودقيقة، وهناك أمورٌ أخرى نهى عنها عز وجلّ، وأنزل فيها كذلك نصوصًا قطعيةً كالزّنا، واللّواط، والمثْلية التي تزداد انتشارًا يوما بعد يوم، ولها خُدّامُها ودُعاتها، بل صارت لها قوانيـنُ تبيحُها في دول الفجور والآثام والرذائل، والخطابُ الملكي في هذه النقطة بالذات، قد أثبت للعالم أننا دولة لها دين وقيم وأخلاق، ولسنا من الدول التي تقول إنّ الدولة لا دينَ لها، وهناك دول عربية تَعمل بهذا المبدإ الـمُخالف للدين والعقيدة والقيَمِ ونحن لسنا مثلهُم..
خطاب جلالة الملك [محمد السادس] يُذكّر بخطاب كان قد ألقاه سنة (1992) جلالة الملك [الحسن الثاني] طيّب الله ثراه أمام حشد من النسوة قال فيه: [لا تنتظِروا من الحسن الثاني أن يغيِّرَ ما قال الله وما قال رسوله]، وهو ما يؤكّده اليوم وارثُ سرِّه جلالة الملك [محمد السادس] في خطاب العرش.. إنّ إمارة المؤمنين مصدرُها الدين، والبيعةُ مصدرُها القرآن الكريم وليست السّياسة بأية حالٍ من الأحوال، فحتى المجاهدون الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل العرش والوطن، كان حافزهُم الدّينُ الإسلامي وليست السّياسة أو زعامة فُلان، أو قِيادة (فلْتان)، وهذا خطأ يقع فيه كلّ من يعتقد أنّ السياسة كانت هي الأصل في هذا الجهاد الذي مكّنَ من استقلال البلاد وعودة الملك معزّزًا مكَرمًا إلى عرشه..
وعلى هذا الأساس، ينبغي للقوانين أن تتكيَّف مع الخطاب لِلضّرب على أيدي من يُفشون الفاحشة في الأمّة تحت عناوين مُضلِّلة؛ وعلى السُّلطات أن تكونَ نشاطاتُها منسجمة مع هذا الخطاب التاريخي الذي طمْأن المغاربةَ الأحرار، والمؤمنيـن الصّادقين على الدّين والقيم والأخلاق، ولابدّ أن تُقْفَل القاعات أمام كل محاضرٍ يريد إلقاءَ مُحاضرة لتبرير العلاقات الرِّضائية تمامًا كما كانت تُقْفَل في وجه الدكتور [المهدي المنجرة] رحمه الله؛ لابدّ أن يُمْنع من الإعلامِ العمومي كلُّ من يروّج لِلْمثْلية المقيتَة في البلاد، وينشُر الرّذيلة وإفساد الأجيال؛ فهذه الأخلاقُ هي الدِّرع الواقي للمجتمع، وهذا الدينُ الحنيف هو الأصل في استمرار الدّولة والملَكية والأمّة جمعاء، والتاريخ يدُلّنا كيف انهارتْ أممٌ بانهيار أخلاقها، وتردّي سلوكها، وفسادِ أجيالها، حتى أتاها اليقين وانمَحت من على وجْه البسطية.. لابدّ من مقاومة المفسدين، والسّاقطين، والمنحلّين من قِردَة وخنازير نراهم على شكْل بشَر وما هُم ببَشر، فكلّما كنا أقرب إلى الله، كنّا في مأمنٍ من كلّ خطر، ومن كلّ خوْف، أما إذا فشتِ الفاحشةُ وانتَشرت في الأمّة ولا مَن نَهى أو حذّر، فانتظر الـمُصيبة والطّامة الكبرى؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: [لَم تَظْهر الفاحشةُ في قوْم قَطّ، حتى يُعْلنُوها، إلاّ ظهر فيهمُ الطّاعون والأوجاعُ التي لم تكُن في أسلافِهم الذين مَضوا]. ويقول عزّ وجلّ بصريح العبارة: [وَمن أعْرض عن ذكري، فإنّ له معيشة ضنْكًا]. وللّذين يُقلّدون الدّول الغربية الفاسقة، فإنّنا نقول لهم إنّ هؤلاء ليسوا قُدوةً لنا؛ أفيقوا من نَوْمِكم قبل فوات الأوان!

Exit mobile version