Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

كلاب ضالة ومسؤولون أضل

الكبير بن لكريم
خلال الأسبوع الجاري عشنا على وقع العديد من الأخبار المتواترة من هنا وهناك تتعلق بأحداث دامية أبطالها إما كلاب شرسة يستعين بها مجرمون في مواجهة رجال الدرك والأمن، أو في مهاجمة خصومهم بشكل جد شرس ودموي رغم وجود قانون صارم يتعلق بوقاية الأشخاص وحمايتهم من أخطار الكلاب، لم تنته أخبار تحريض الكلاب على الغير حتى تلاها خبر أكثر فظاعة يتعلق بوفاة سائحة أجنبية “رحمها الله” نتيجة هجوم قطيع من الكلاب الضالة عليها وهي تتجول بجماعة ضواحي مدينة الداخلة وانتهى الهجوم بوفاتها متأثرة بعضات الكلاب الضالة.
لم تمض إلا ثلاثة أشهر على عرض قدمه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت كشف من خلاله أن وزارة الداخلية رصدت 70 مليون درهم خلال 5 سنوات، وهو يتحدث عن خطورة ظاهرة انتشار الكلاب الضالة التي أضحت تشكل خطرا محدقا بالناس على صحتهم وسلامتهم الجسدية، سواء جراء تسببها في أمراض، أو الانزعاج الناجم عنها وتأثيرها السلبي على محيط عيش السكان، وأكد الوزير أن هذه الكلاب الضالة تشكل الخزان الرئيسي أو الناقل للعديد من الأمراض الخطيرة كداء السعار.
لم تتفاعل الجماعات المحلية والمجالس المنتخبة مع عرض الوزير ولم تعر أي اهتمام لقطيع الكلاب التي تتجول بحرية بالمدن والقرى والبوادي معرضة حياة الناس للخطر المحدق بها، رغم أن كل الجماعات الترابية رصدت لها مبالغ مالية مهمة من أجل محاربة هذه الظاهرة التي أضحت تؤرق بال السكان والسياح والزائرين للمدن.
ظاهرة الكلاب الضالة تندرج ضمن الاختصاصات المخولة للمجالس الجماعية ورؤسائها في ميدان الوقاية وحفظ الصحة العامة، إلا أن رؤساء الجماعات والمجالس المنتخبة تبقى خارج التغطية ولا تتفاعل مع هذه الظاهرة بشكل دوري رغم أن العديد من الجماعات الترابية تتوصل بشكايات الساكنة وجمعيات المجتمع المدني مطالبة إياها بالعمل على محاربة الكلاب الضالة.
ضحايا الكلاب الضالة يبقى عليهم اللجوء للقضاء للمطالبة بتعويضات في إطار المسؤولية التقصيرية التي تتحملها الجماعات الترابية كما يحدث في حال وقوع ضحايا في بالوعات الصرف الصحي التي تظل مفتوحة فوق الأرصفة وبالطرقات العمومية ويضطرون لإثبات الحالة ومن ثم اللجوء للقضاء للمطالبة بتعويض حسب خطورة وحجم الضرر الناتج عن المسؤولية التقصيرية للجماعات الترابية في حماية وحفظ الصحة العامة، وبالتالي يتم إثقال كاهل مالية الجماعات بدفع مبالغ مالية من أرصدتها تنفيذا لأحكام قضائية تصدر في باب المسؤولية التقصيرية التي تتحملها الجماعات الترابية.
ورغم أن 674 جماعة ترابية، تنتمي إلى 25 إقليما معنية ببرنامج محاربة الكلاب الضالة حسب وزير الداخلية، الذي كشف أن التكلفة الإجمالية لهذا البرنامج تناهز 512 مليون درهم، تساهم فيه وزارة الداخلية بنسبة 50 في المائة، “ويشكل إحداث وتجهيز محاجز للكلاب الضالة إحدى الركائز الأساسية للبرنامج”.
وفي سنة 2019، تم إبرام اتفاقية إطار للشراكة والتعاون بين المديرية العامة للجماعات الترابية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، تتوخى تعزيز التعاون والتنسيق بين هذه الأطراف من أجل معالجة هذه الظاهرة، باعتماد مقاربة جديدة ترتكز على ضوابط علمية أبانت عن فعاليتها في العديد من الدول، وذلك من خلال إجراء عمليات التعقيم الجراحية لهذه الحيوانات لضمان عدم تكاثرها وتلقيحها ضد داء السعار.
إلا أن الجماعات الترابية برؤسائها تبقى المسؤولة الوحيدة عن تهاونها وعن تقصيرها وعدم الاهتمام بهذه الظاهرة الخطيرة التي تطالعنا أخبار بين الفينة والأخرى عن أحداث دموية أبطالها كلاب ضالة تتجول بحرية بالمدن والقرى والبوادي معرضة حياة الناس للخطر، منها خطر الأمراض المنتقلة بسببها وخطر الموت جراء الهجوم الشرس لهذه الكلاب.

Exit mobile version