Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

كلّما كانتِ الكذبة كبيرة كانت حظوظُها وفيرة في أن يصدِّقَها الشّعب

محمد فارس
كانت هذه القولة لأستاذ الكذِب في الإعلام النازي وأعني به [غوبلز]، لكن (غوبلز) هذا، لو قورِنَ بالكذابين اليوم، لكان مجرّد تلميذ خائب في الكذب، هذا ما قاله الدكتور [المهدي المنجرة] في كتابه [الحرب الحضارية الأولى]؛ الحرب العالمية الثانية اعتُمِد الكذبُ في نشوبها، لقد كذبَ [هتلر] عندما قال إنّ [بولونيا] قتلتْ (30) من حرّاس الحدود الألمان، والمؤرّخون يؤكِّدون اليوم أنّ قوات [إيس ــ إيس] هي التي قتلتهُم لإعطاء ذريعة لِـ[هتلر] لغزو [بولونيا]؛ هذه الكذبةُ تشبه إلى حدٍّ بعيد، كذْبةَ الهجوم على المدمِّرة الأمريكية [مادوكس] في خليج [تونْكين] من طَرف الڤيتناميين، وبهذه الكذبة كذَريعة، دخلتْ [أمريكا] حربَ (ڤيتنام)، وبمثْل هذه الكذبة، اجتاحتْ [أمريكا] (العراق)، وهي كذبة (أسلحة الدّمار الشّامل)، وبكلّ بساطة اليوم، يَعتذر [بوش] دون محاسبة..
في سنة (1967) عندما خسِر (جمال عبد الناصر) حربَه ضدّ [إسرائيل] وحلّت النّكبة، ألقى خطابًا قال فيه: [لقد قرّرتُ أن أتنحّى عن الرئاسة، وأعودَ إلى الشارع لأقومَ بواجبي كأيِّ مواطن]، ثم يا لها من كذبة؛ لقد كانت التعليمات قد أُعطيت لكل مقرات الحزب الاشتراكي للخروج إلى الشارع وتعبئة المواطنين ليقولوا: [عايْزين ناصر، عايْزين ناصر]، وفي اليوم التالي تراجَع أو تظاهَر (ناصر) بأنّه عدَلَ عن قراره استجابةً للشّعب؛ كان على (ناصر) أن يفاوض [إسرائيل]، ولكن كيف له ذلك، وهو زعيم العُروبة، لقد كان من حقّ رئيسٍ جديد أن يفاوِض لو أنّ (ناصر) استقال بعد الهزيمة..
ومن غرائب هذا القرن، هو بروزُ ظاهرة [الشّبيحة] التي يُعتقد أنّها ظهرتْ في [سوريا]، لكنّ الحقيقةَ أنّ ظاهرة [الشّبيحة] ظهرت في [تندوف] على يد [الجزائر]، فجعلوا منها (شعبًا) صحراويا يطالب بالانفصال، وقد طَمأَنتِ [الجزائرُ] (المغربَ) قبل المسيرة الخضراء وتمنّت له التّوفيق والتزَمت بأنّها ستكون أول الـمُساندين لو نجحتِ المسيرةُ وحقّقتْ أهدافها باستكمال الوحدة التّرابية وجلاء الاستعمار، ولكنّ [الجزائر] كانت تكْذِب وتعتقد أنّ المسيرةَ لن تفلح في مسعاها، فأُصيبتْ بخيبة حين حقّقتِ المسيرةُ هدفَها وبلغت غايتَها وفي التّو ظهَر نفاقُ [الجزائر] وكذبُها، فأَنشأت [شبّيحة] سمّتْها (البوليساريو)، ولا أحد سمِع من قبلُ بذلك، فتحوّلتِ [الجزائرُ] إلى خصْمٍ لوحْدتنا التّرابية، وصارت تستقدِم (المرتزقة) من كذا بلد إفريقي، وكذلك عناصر من الجيش الكوبي الذين كانوا في [إثيوبيا] أيام الخنزير الشّيوعي [مانْغيسْتو هايْلي ماريا]، والذين رفَض [كاسترو] عوْدَتَهم إلى [كوبا] نظرًا إلى فساد أخلاقهم وسلوكهم، فقبلت بهمُ [الجزائرُ] في صفوف مرتزقة (البوليساريو)، وما زالت [الجزائرُ] تنفق الملايير على (شبّيحة) (تندوف) في وقت يعيش فيه الشّعبُ الجزائريُ الشّقيقُ كلّ ألوان الحيف، والفاقة، ولا أدلّ على ذلك، شهورًا من الاحتجاجات والـمُظاهرات والدّعوة إلى العودة للدّيمقراطية والحكم الـمَدني..
وحسب المؤرخين، فإنّ [الهواري بومدْين] كان يعتقد أن (المغرب) لن يصمدَ أكثر من ثلاث سنوات؛ ومضتِ السّنون، وتبيّـنَ له أن المغاربة مُصمِّمون على الدّفاع عن صحرائهم مهْما كلّف الأمرُ، فكان [الهواري] على وشك أن ينفُضَ يديه من هذه القضية ويحلّ ما يسمّى (البوليساريو)، لكن أيادٍ خفية أصابته بسُمّ حتى لإنّ الأطباءَ عَجزُوا عن تشخيص طبيعة مرضه، فمات وتمادتِ [الجزائر] في عنادها وسيْطرت الطّغمةُ العسكرية على البلاد، وأحكمتْ قبضَتها حتى صارت تقتلُ الشّعبَ الجزائري، وتنهب خيراته، وتهرّبُ ثرواته للخارج.. جاء رئيسٌ آخر، وهو من زعماء التّحرير، وأعني به [محمّد بوضياف] الذي قال بصريح العبارة إنّ [الجزائر] لا صِلَة لها بقضية الصّحراء المغربية، وأنّ ثروات الجزائر، هي للجزائريين وحْدهم، عندها فقط، أحسَّ العسكرُ والمرتزقة بالخطر الذي يتهدّدهم ويعْصف بمشاريعهم، فدبَّروا عملية اغتيال [بوضياف] في قاعة وأمام الملإ، والقاتلُ معروف، فلم يُقْبَض عليه ولم يُحاكم إلى يومنا هذا، لأنّه لو مَثُلَ أمام المحكمة، لفضح بالأسماء من كلّفوه بعملية الاغتيال، لذا تستَّروا عليه وبقيَ حُرّا طليقًا إلى يومنا هذا بالرغم من مطالب زوجة [بوضياف] بفتح تحقيق في القضية، وسيُفتَح الملفُّ مجدَّدا يوم تصبح [الجزائر] دولةً مدنيةً، ديمقراطيةً، يعني دولةَ الحقِّ والقانون؛ قد يبدو هذا مستبعدًا للوهلة الأولى، ولكن لا مستحيل في التاريخ..

Exit mobile version