Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

لأي أمر يصلح مجلس المنافسة؟

نشر مجلس المنافسة، كهيئة لمراقبة التنافسية، تقريرا حول أسعار المحروقات، ووصل إلى خلاصات تقول إن المنافسة في هذا القطاع شكلية، وأن الشركات راكمت أرباحا خيالية، غير أن المطلع الجيد على التقرير سيكتشف أنه جاء بصيغة تبريرية، إذ إنه ركز على اللغة والأرقام أكثر من تركيزه على الجوهر، فهو يستعمل مثلا مفهوم الربح الصافي بدل هامش الربح، حتى لا تظهر الأرقام كبيرة وصعبة على الاستساغة.
ليس هذا هو الأهم. ولكن القضية كما يراها أي غيور على البلاد هو أن المجلس لا يقوم بدوره المنوط به دستوريا باعتباره إحدى مؤسسات الرقابة والشفافية، ولا يقوم بدوره الذي خوله إياه القانون التنظيمي، فالشركات التي أكلت وشربت وشبعت وانتفخت حد التخمة وكادت تنفجر أرباحا سيطبق عليها مبدأ “عفا الله عما سلف”. ولن يتخذ في حقها أي إجراء بتاتا.
المجلس خرج فقط بتوصيات ولم يخرج بإجراءات، والتوصيات غير ملزمة طبعا، ولا يمكن للحكومة أن تقوم بإلزام الشركات، لأن رئيس الحكومة هو نفسه زعيم “تجمع المصالح الكبرى” والمجلس الوحيد القادر على معاقبة هذه الشركات هو مجلس المنافسة، لكن يبدو أن رئيسه الآن يريد السلامة لا الصدام مع دينصورات المال والأعمال، وكان الله في عونه لأن المواجهة صعبة مع لوبيات كبيرة ومتضخمة ومع “تجمع كبير للمصالح”، لا يمكن أن يتخلى عنها في أية لحظة من اللحظات ويمكن أن يقاتل من أجلها وأن يضرب فوق الطاولة وتحتها ويضرب تحت الحزام.
لكن رئيس المجلس هنا معين من قبل مجلس الوزراء أي عينه جلالة الملك راعي مصالح المغرب بعمومه، وحامي كل الفئات، الفقراء والأغنياء، فهو ملك للجميع ويحفظ مصالح الجميع، وعلى الرئيس أن يجسد الإرادة الملكية في إرساء تنافسية حقيقية، تحمي مصالح المواطنين من جهة كما تحمي رجال الأعمال من تغول تجمعات وكارتيلات كبرى تستحوذ على كل شيء.
بهذا التقرير، المليء بالعبارات الإنشائية، يكون المجلس قد تخلى عن مهامه، نعرف أن المجلس ليس مكانا للإنشاء فهو يتوفر على أطر عليا وقادرة على الضبط الجيد للمنافسة، لكن في غياب إرادة قوية وفي ظل هيمنة تجمع المصالح الكبرى على الحكومة وعلى المرافق العمومية فإن المجلس متخوف من المصادمة، ولكن يضعه جلالة الملك في هذا الموقع عليه أن يتقوى بالإرادة الملكية القوية، فأنت، يا رحو قوي بقوة جلالة الملك، التي قطعت مع كل التعبيرات غير الصالحة في المجتمع خدمة للصالح العام.
ونرى أن التقرير لم يأت لتوضيح قيم المنافسة الحرة والشفافة، ولكن محاولة لإبراء الذمة بعد الغليان الشعبي حول ارتفاع أسعار المحروقات بشكل غير مسبوق، فهو يبين أن الشركات ربحت كثيرا لكن يبرئها بلغة أرقام غير واضحة.

Exit mobile version