Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

لزوم شفافية الإدارة الحزبية

ناقش المجلس الوزاري المنعقد أخيرا برئاسة جلالة الملك محمد السادس، مشروع قانون تنظيمي بتغيير القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، ويهدف هذا التعديل إلى تفعيل التعليمات الملكية السامية بخصوص الرفع من مبلغ الدعم العمومي الممنوح للأحزاب، لمواكبتها، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية، مع تخصيص جزء من الدعم العمومي لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار.

لأي قانون فلسفة وروح، وإذا تم فصل أجزائه فذلك يعني ضرب الروح التي من أجلها جاء، حيث لا يمكن الاحتفاء بزيادة الدعم العمومي للأحزاب، في غياب التمسك بالمقاصد من ذلك، فالمال هنا ليس من أجل النفخ في حساباتها ولكن من أجل تحفيزها وإذا انعدمت الحافزية ضاع المال الذي يذهب إلى حسابات الأحزاب السياسية.

هو إذن مشروع يسير بخطوط كثيرة ومتوازية إذا اختل منها واحد كنا كمن يصب الماء في الرمل. المشروع كان واضحا والمشرّع لا يمكن أن يكون عابثا، حيث أقر أن يتم تخصيص جزء من الدعم العمومي لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار.

فالقضية إذن ترتبط فيها الوسيلة بالنتيجة، أي ربط الدعم بالكفاءة في الإدارة الحزبية. وبما أن الدعم العمومي هو مال عام فالمسؤول عن مراقبته وصرفه هو الدولة بمؤسساتها وأدواتها. فكيف يمكن للدولة أن تراقب تنفيذ هذا القانون؟

نعتقد أنه من أجل تنفيذ هذا القانون، لابد من سن قانون موازٍ يمنع التعيين في المناصب الحزبية على أساس القرابة العائلية للقيادة الحزبية، حتى لا تتحول الإدارة الحزبية إلى مجرد وسيلة للريع يستغلها الزعماء، قصد توظيف عائلاتهم وأقاربهم والمقربين منهم، ولهذا يلزم وضوح القانون في هذه المسألة.

ينبغي أن ينص القانون بشكل واضح على قواعد التوظيف في الإدارة الحزبية، وحتى نكون دقيقين، يلزم أن يتم توظيف الكفاءات وفق حاجيات الحزب وليس وفق رغبات الحزبيين، حتى لو اقتضى الأمر استقطاب كفاءات غير حزبية، ففي الإدارة المالية لابد من وجود متخصصين في الميدان، فالمشرف على مالية الحزب يخضع لقواعد التوظيف في المحاسبة، حتى تكون حساباته مضبوطة، فإذا أراد المجلس الأعلى للحسابات مراقبة مالية الحزب يجد أن المحاسب الحزبي يتوفر على كافة الوثائق التي تبرر المصاريف وأنه يتوفر على حسابات مضبوطة.

في الاستشارة القانونية لا يمكن توظيف خريج اللسانيات أو الرياضيات، ولكن لابد أن يكون المستشار القانوني من خريجي القانون ناهيك عن التكوين في المجال، وهذا النمط ليس غريبا لكنه متوفر في كل بلاد الدنيا وكل الأحزاب الناجحة تعتمد الإدارة العصرية وفق نمط قانوني واضح يتميز بتعيين الأطر في مكانها الحقيقي، فالإدارة الحزبية لا تختلف عن باقي الإدارات لأنها أيضا تتعلق بالتسيير اليومي الذي وحده القادر على تغيير العمل الحزبي.

 

Exit mobile version