محمد فارس
كان [آدم] وزوجتُه [حوّاء] يعيشان في أمن وسلام في الجنّة، فغرّهما إبليس، فقال لهم ربّنا العزيز: اِهبطَا، بعضكم لبعض عدوّ إلى يوم الدين؛ وعلى هذه الأرض، ارتُكبت أوّل جريمة في الوجود، حيث قَتل [قابيل] أخاه [هابِيل] لأسباب دنيوية ولحاجة غريزية، فالدنيا كما قال الإمام [عليّ] كرّم الله وجهه، غَرّارة وضَرّارة، لا شكّ في ذلك، وأنتَ ترى أنّ الإنسان يقتل أخاه الإنسان، أو يخدعه لأغراض دُنيوية وحاجات وَقْتية زائلة، ومن الناس من يَقتل لأسباب نفسية ومن ذلك ما قاله علماء النفس بعبارة [غريزة الموت]، وانطلاقا من هذه الغريزة، عمّتِ الحروبُ وشُنّت بِمُبرّرات شتى، ولكنّ الفلاسفة يرون أنّ الحروبَ تُشنُّ بحثًا عن مصالحَ مادّية وإن تَخفّت أحيانًا وراء أسباب دينية مثْل الحُروب الصّليبية؛ وفلاسفة آخرون يعْزون الحروبَ للنُّدْرة أو خوفًا من النُّدرة مثل ما فعله [هتلر] عندما رأى في [روسيا] مجالاً حيويًا يزخر بعدّة ثروات ثمينة..
هناك حروبٌ نشبتْ قبل التاريخ المدوّن ولا أحدَ يعرف عنها شيئًا والحديثُ عنها مجرّد خيال وأساطير وخرافات يتداولها الإنسان ويصوّر حولها أفلامًا سينمائية لِلتّسْلية فقط، ولكنّ الحربَ الأولى التي تحدّث عنها التاريخُ، حدثتْ في أوائل القرن التاسع عشر قبل الميلاد، تمكّن فيها (العمّوريون) من تأسيس مملكة سيْطرت على أكثر الأقطار فيما يُعرف اليوم بالشّرق الأوسط، وعُرِفَت هذه المملكةُ بدولة [بابِل الأولى]، وهي ثاني إمبراطورية لِلسّاميين، من الهجرة السّامية الثانية التي قدِمَت قبائلُها من أعالي نهر [الخابور] على (الفُرات)، ثم انحدَرت إلى الجنوب مع مجرى النّهر لتستقرّ في [بابِل]، وامتدّتِ الحروبُ البابليةُ من (1792) إلى (1750) قبل الميلاد، وقد يطولُ بنا الحديثُ إذا خُضْنا في هذا التاريخ ممّا لا تسعُهُ الرّقعة، بل يتطلّب ذلك كتابًا بأكمله، فمعذرة! لكن، سوف نركّز فقط على حروب القرنيْن التاسع عشر، والعشْرين؛ وأمّا القرن (21) فقد بدأتْ حروبُه ومآسيه.
بدأت حروبُ القرن [19] بمعارك [نابليون] في [إيطاليا]، وهي الحروبُ التي قام بها في [إيطاليا] وحوْلها، ودارتْ بينه وبين [النامسا] سنة (1800)، ويقول الفيلسوفُ والمؤرّخ الأمريكي [ويلْ ديورانْت] بخصوص هذه الحرب: [ومنْ بيْن كلّ المعارك العظمى كانت معركة سنة (1800) هذه أحْكَمها تَخطيطًا وأكثَرها دهاء، وفي الوقت نفسه أسوأ تنفيذًا].. [الحربُ الطّرابُلسية] سنة (1801 ــ 1815): اصطلاحٌ يُطلقُ على الحرب التي كانت عبارة عن سلسلة من الحملات التي سيّرتها (الولايات المتحدة) برّا وبحرًا لضرب [الجزائر] ما بيْن (1801) و(1815)؛ تلتْها الحملة الأمريكية على [طرابلس] سنة (1804)، وعمدَ (الكونغريس) إلى تعيين [وليام إيتُون] وكيلاً بحريًا، وسار عبْر البرّ ليستولي على ثغر [َدَرنة] غيْر أنّه لم يتوغّل إلى [طرابلس] بلِ انتهى الأمرُ بهُدنة سنة (1805) قبل قَرعه أبواب [طرابلُس]..
[معركة أوستيرلتز] سنة (1805): هي معركة الأباطرة الثلاثة التي هزم فيها [نابليون] الأول مدينةَ [أوستيرلتز] التشيكوسلوڤاكية الصغيرة، هُزِمَ فيها الرّوسُ والنّمساويون هزيمةً نكراء أدّت إلى خروج [النامسا] من الحرب.. [معركة جينا] سنة (1806) وهي معركة كانت بيْن [نابليون] وبيْن (البرُوس)، فتقدّم [نابليون] عبْر مناطق [بروسيا] في [بولندا] ولم يَلق مُقاومة، فدخل [بولندا] وسَط ترحيب وحفاوة في العاصمة [وارْسو].. [حروبُ أُورُوغْواي]: تقع [الأورُوغواي] جنوب شرق أمريكا الجنوبية، وقعتْ فيها أحداث الحركة الوطنية أيام الإسبان؛ وفي عام (1810)، أعلنت [الأوروغواي] تضامنَها مع [الأرجنتين]، وبدأتْ حربٌ طاحنة طويلة دامية بيْن جزْرٍ ومدٍّ وكان زعيمُ الحركة عام (1814) [أرتيجاس] البطلُ القومي الذي انفصل عن ثورة [الأرجنتين]، لكنْ في عام (1820) احتلّتِ [البرازيلُ] البلاد، إلاّ أنّ الوطنيين ألحقوا الهزيمةَ بالبرازيل، وأعلنوا استقلال [الأورغواي] سنة (1827)؛ ونشبت حربٌ أهلية من عام (1828) إلى عام (1851) ولم تنتَه المناحرات الداخلية إلاّ مطلع القرن (20)، وقد تعرضت [الأورُغواي] أيضا لغزوٍ بريطاني سنة (1807) دام بضعة شهور.. [حربُ شبه الجزيرة الأولى: 1807 ــ 1808] وهي حربُ [نابليون] في شبه جزيرة [إيبيريا]، فاستسلمت فرقتان فرنسيتان في شمال [قُرطبة] في واحدة من أكبر الهزائم عارًا في التاريخ ليقضي الـمِئات منهم جوعًا ومرضًا وكان هذا في يوليوز من سنة (1808)؛ وفي السنة نفسِها التقى الجيشُ الفرنسي بالجيش البريطاني، فهُزِمَ الجيشُ الفرنسي هزيمةً نكراء..
