Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

لكن ما هي الحروبُ التي عرفها القرنُ 20؟

محمد فارس
لقد كان القرنُ [20] مأساويًا في حروبه، وانقلاباته، كما كان مذِهلاً في معارفه العِلمية وإنجازاته التّكنولوجية وفي أبحاثه واكتشافاته، والذي يهمُّنا في هذه المقالة هو الحروبُ التي عرفها هذا القرنُ والتي استُخدِمَت فيها أسلحة لم يعرفها القرنُ التاسع عشر، ممّا يجعله قرنَ دمارٍ ودماءٍ وخراب شامل للطّبيعة وللإنسان بوجه عام.. فما هي هذه الحروب ولو بإيجاز غير مخلّ؟ [ثورة البوكْسير: 1900]: ثورةٌ جرتْ في (الصين) نسبةً إلى الجماعة التي أثارتْها واتَّخذتْ شعارًا لها على شكلِ قبْضه يَد ملاكم، وسببُ هذه الثّورة أنّ (الصين) أصبحت مرتَعًا للمصالح الأوروبّية، حيث اشتدَّ التكالبُ عليها والمنافساتُ بيْن هذه الدّول، ومن ثَمّ كانتِ (اليابانُ) طرفًا في هذه المصالح؛ فهبّت دولٌ أوروبّية لإسكات أصوات هذه الثورة، فاشتركَ في إسكاتِها البريطانيون، والفرنسيون، والإيطاليون، والألمان، والنّمساويون، والرّوس، بالإضافة إلى الأمريكيين واليابانيين، وانجلتِ الأمورُ عام (1901) بإلزام (الصّين) بأنْ تَدفَع غرامةً باهظةً قدْرُها ثلاث مائة وثلاثة وثلاثون مليون دولار.. [حربُ البوير: 1902]، والبوير هم سكّان إفريقيا الجنوبية، وذوُو أصلٍ هولاندي، وكان البوير يضيقون ذرعًا بالتّوسُّع الإنجليزي في داخل جنوب إفريقيا، وزاد العداءُ عند اكتشاف مناجِم الذّهَب في (التّرنسْفال)، لكن الأمور ما لبثَتْ أن تغيَّرت، إذْ أنزلت (بريطانيا) قوات حسَنة التنظيم والتّجهيز، فاحتلّت جميع المدن الكبرى، وضمّتْ دولتيْ البوير رسميًا..
[ثورة الفوضويين: 1903]: الفوضوية هي مذهبٌ سياسي، وحركةٌ تمثّلت في أفكار طُرِحت في (روسيا) في القرن التاسع عشر، وهي فكريًا حركة ضمّت بيْن دفَّتيْها شِيعًا كثيرة، وفلسفات مختلفة، ونظريات شتى كانت منتشرة على مدى قرن عبْر (روسيا)، و(أوروبّا)، وحتى القارة الأمريكية؛ كان (ميشيل باكونين) مثْل الـمُفكّر الألماني (ماكس ستيرنر) في دعوتهِما إلى الثّورات والانقلابات، وكان من هؤلاء من كان يدعو إلى سيادة العدالة الاجتماعية في مجتمع مثالي خيالي مثْل المستر (ولْيَم كودوين)، الإنجليزي، والـمُفكّر الفرنسي (برودون)، ومن هؤلاء الفوضويين من هُم دعاة الشّر والعُنف الذين لا يرون في الإرهاب والقتل وسيلة للإصلاح، ولا يعترفون للأخلاق والقانون بأية سلطة كالفوضوي (النّهلستي نشايِيڤ) وجماعته؛ وعلى العكس من هذا، كان ثمّة مَن كان عدوًا للعنف والقسوة، داعيًا إلى التسامح متأثّرًا بفكر النّصرانية في الإخاء والمحبّة مثْل [تولستوي] الأديبِ الروسيِّ الشهير: 1828 ــ 1910.. تمكّن الألمانُ من القبض على (نشاييڤ) وسلّموه إلى الرّوس، فنُفيَ إلى (سَيْبِريا) واستطاع الهرب إلى (اليابان) ومنها إلى (أمريكا) ثم عادَ إلى (أوروبا)، وقد خلّف أكثَر الثّورات نجاحًا في (إيطاليا)، وفي (فرنسا)؛ وهكذا، فقد قام الفوضويون بأعمال عنيفة في بلادِ العالم، وكان من هذه الأعمال محاولةُ اغتيال القيصر في (روسيا)..
[الحرب الروسية ــ اليابانية: 1904 ــ 1905]: هي الحربُ التي دارتْ بين (روسيا) و(اليابان)، وسببُها يرجعُ إلى الأطماع الاستعمارية المتنامية لكلتا الدّولتين، إذ كانت المثُلُ القَيْصرية منحصرة في التّمدّد الاستعماري، وكذلك مُثُلُ (اليابان) عن أطماعِها في (الصّين)، وكانت الدّولتان تتنافسان على استعمار (منشوريا) و(كوريا).. قامت (اليابانُ) بانتزاع (بورْت آرثر) من أيدي الرّوس، ثمّ هزموهم هزيمةً نكراء، إذ دمَّروا الأسطولَ الرّوسي بأكملِه في مضيق (تسُوشيمَا) عام (1905)؛ ويرى الدكتور (المهدي المنجرة) أنّ هذه المعركة، حطّمت مقولةَ الإنسان الأبيض المتفوّق الذي لا يُهْزَم؛ كان الأميرال (توغُو) هو قائدَ الأسطول الياباني، وقد لعِبَ الحظُّ والظروفُ لصالحه في هذه المعركة، عِلمًا أنّ البوارج اليابانية كانت حديثَة، فيما كانت البوارجُ الرُّوسية قديمة وبحّارتُها غيْر مدرّبين..
[الحربُ العالمية الأولى: 1914 ــ 1918]: من أغرب أسباب قيام هذه الحرب أن يكونَ اغتيالُ ولي عهد إمبراطورية [هنغاريا ــ النّامسا] (فرانز فريدينان) في (سراييڤُو) في (البوسنة) هو السّببَ الرّئيسَ في نشوب هذه الحرب الـمُدمِّرة، إذْ طالبتِ [النّامسا] [صِربيا] بالسّماح لـمُحقِّقيها بدخول البلاد، لكنّ [صربيا] رفضتْ، فساندتْها [روسيا]، فهدّدتْها [ألمانيا]، فدارتْ رحَا الحرب بين الحلفاء الذين كانوا يتألّفون من (إنجلترا؛ وفرنسا؛ وروسيا؛ وبلجيكا؛ وصربيا، والجبل الأسود) وبين قوات الحلف الثّلاثي (ألمانيا؛ والنمسا؛ والمجَر؛ والدّولة العثمانية) في بداية الحرب.. ويرى بعضُ المؤرّخين أن هذه الحرب كان من ورائها منظّمات سرّية، إذ كيْف يُعْقَل أنّ المفكّر الفرنسي [جان جوريس] الـمُناهِض للحرب اغتيلَ قبْل سُوَيْعات من بداية الحرب، وحكِمَ على قاتله بالبراءة سنة (1920) باعتباره وطنيًا صالحًا مثْل (جوريس)، وهذا يُشْبهُ ما نجدُه في بعض مراجع التّاريخ الإسلامي، حيث يُعتَبر القاتلُ والمقتولُ من أهل الجنّة: فسيِّدُنا قَتلَ سَيِّدَنا فكلاهُما في الجنّة؛ يا لَه من منطق!

Exit mobile version