Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

للأديان والرموز حرمتها

قضت المحكمة الابتدائية بمراكش بثلاث سنوات ونصف في حق مغربية إيطالية بتهمة ازدراء الدين الإسلامي. اختلفت مواقف المهتمين حول الحكم، وباستثناء منسوبه فهناك إجماع على أنه لا ينبغي القيام بفعل يسيء إلى الدين أو الرموز. وفي هذا تلتقي جميع بلدان الدنيا بنسب مختلفة، فلا أحد يقبل أن تسيء إلى دينه، وفي فرنسا العلمانية هناك رموز لا يمكن المس بها، وفعل ذلك يؤدي إلى السجن.
لن ندخل في مناقشة الحكم لأنه من اختصاص القضاء، ولن ندخل في نقاش هل كان بالإمكان أن يكون الحكم مخففا؟ ولا اعتراض لدينا على تخفيفه أصلا، لكن لسنا ممن يبيح سب الرموز والأديان، لأن تدميرها يعني خراب الإنسان والعمران، وسنصبح أمام أناس يسيرون كالأشياء الجوفاء دون روح، فإذا كان للجسد تاريخ فللروح أيضا تاريخ وهو مختلف عن الأول، وبالتالي أي اعتداء على الرموز ينتهي بالاعتداء على ما هو مادي.
الموسوعة العالمية ويكبيديا عرفت الأمر بالشكل التالي: الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في ديانة ما أو تجاه رموز دينية أو تجاه عادات ومعتقدات معينة. في الديانات الإبراهيمية هناك إدانة شديدة لازدراء الأديان. كما أن لبعض البلدان قوانين تعاقب بتهمة الازدراء. وتعتبر بعض الديانات التجديف جريمة دينية.
وتوجد قوانين منع الازدراء والتجديف في عدد من البلدان بينما تبنت دول أخرى قانون منع خطاب الكراهية، الذي يدخل ضمنه ازدراء الأديان التي تعني التعبير عن كراهية المنتمين لفئة أو طائفة أو مذهب أو دين.
وتستغل كثير من الدول الغربية هذا الموضوع للضغط على دول العالم الثالث، لن تقف عاجزة إذا تعلق الأمر مثلا بالإساءة إلى اليهودية، وهذا ما نجده في فرنسا العلمانية مرة أخرى، فبالإضافة إلى منع الإساءة إلى بعض الرموز الجمهورية تمنع الإساءة إلى اليهودية تحت عنوان “معاداة السامية”، بينما تجعل من قوانين محاربة التجديف في بلدان أخرى سلاحا للضغط عليها تحت عناوين حقوق الإنسان.
جهات كثيرة ومنظمات حقوقية، معروفة بخدمة أجندات مشبوهة، تتبنى خطاب ازدراء الأديان والملل وتعتبره من حقوق التعبير، أو حرية العقيدة، لكن المنطق يفرض أنه من حق شخص أن يتبنى عقيدة أخرى أو دينا آخر لكن هل يسمح له بازدراء دين الأغلبية أو حتى دين أقلية؟ فأي معنى وأي غاية وأي مصلحة في أن نجرح أغلبية من أبناء مجتمعنا بازدراء رموزهم ومقدساتهم وعلى العلن؟ أليس في ذلك مجرد “صعلكة” اجتماعية لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير والعقيدة؟
ازدراء الأديان هو اعتداء على رموز الناس. وليس بالخبز وحده نحيا بل نحيا بالرموز والاستعارات بتعبير جورج لايكوف ومارك جونسون. لا فرق بينه إذن وبين الاعتداء المادي. من يصر على ازدراء رموز قوم كمن يحمل عليهم سلاحا ليسلبهم أشياءهم.

Exit mobile version