Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

لماذا المغرب أقل تضررا من الإرهاب؟

الأمن والاستقرار والنجاة من مخططات الإرهابيين، ليست معطى بلا ثمن، ولا ينام المواطنون ويستقيظون على هذا الهدوء المحرومة منه شعوب المنطقة، إلا بوجود صناعة كبيرة لمفهوم الحرب على الإرهاب. ومن هذا المنطلق نفهم الترتيب الذي احتله المغرب في التقرير السنوي للمعهد الأسترالي، المتخصص في تتبع قضايا الإرهاب، حيث تقدم بعشر نقط، وانتقل من الرتبة 92 إلى الرتبة 102 وبالتالي تم تصنيفه ضمن الدول الأقل تضررا من الإرهاب.
ليس الترتيب هو المهم لكن الجواب عن السؤال التالي هو المهم: لماذا يعتبر المغرب من البلدان الأقل تضررا من الإرهاب؟ لماذا احتل هذه المرتبة رغم أنه في عين عاصفة الحركات الإرهابية، التي حرمها من صنبور التدفق البشري؟ لماذا حافظ المغرب على عنصر ممانعته تجاه التطرف رغم أنه قريب من منطقة الساحل والصحراء ورغم تحالف البوليساريو مع الحركات التكفيرية والجهادية؟
في البداية لابد من القول إن تصنيف المغرب ضمن البلدان الأقل تضررا من الإرهاب هو انتصار في معركة حاسمة، خسرت فيها كثير من الدول، لانعدام الصرامة في التعامل مع الظاهرة، وقد عانى المغرب كثيرا في طريقة تعاطيه مع الإرهاب.
عرف المغرب الإرهاب التقليدي منذ سنين عديدة حيث تم اغتيال المناضل الاتحادي عمر بنجلون من قبل منتمين للشبيبة الإسلامية عن طريق ضربه بحديدة، كما شهد فندق أطلس أسني بمراكش سنة 1994 حادثا إرهابيا عن طريق إطلاق الرصاص. لكن أول عملية إرهابية بطريقة التفجيرات كانت ليلة 16 ماي 2003 الأليمة، حيث شهد المغرب عمليات إرهابية متزامنة.
هذا المعطى فرض على المغرب تغيير استراتيجيته في التعامل مع الإرهاب والتطرف، وانطلق في استراتيجية ثلاثية الأبعاد لا ينفصل واحد منها عن الآخر.
أولا، إصلاح الشأن الديني، وهو المشروع الكبير الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس من أجل تصفية المكون التربوي والتعليمي من كل عناصر التطرف الثاوية داخله، وفعلا انطلقت هذه الخطة في سياق مشروع لتجديد الخطاب الديني ومحاصرة خطاب العنف والتطرف.
ثانيا، إطلاق مشروع التنمية البشرية كخيار لمواجهة الحواضن الاجتماعية، باعتبار أن الجماعات التكفيرية تراهن أساسا على الأحياء الهشة والبنيات الفقيرة.
ثالثا، هو الخيار الأمني والقضائي الكبير الذي اتخذه المغرب في مواجهة الحركات الإرهابية، تمت البداية بإصدار قانون مكافحة الإرهاب، الذي صادق عليه البرلمان، سنة 2003 وتم تعزيزه بتعديلات 2014 من أجل قطع دابر تزويد الحركات الإرهابية في بؤر التوتر بالموارد البشرية، ولقي هذا القانون معارضة كبيرة خصوصا من الدول الغربية، التي عادت بعد سنوات لتصدر قوانين أشد صرامة منه لكن بعد فوات الأوان. وتم تتويج العملية بإصدار قانون يمنح ضباط الديستي الصفة الضبطية وتأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي تولى بقوة مواجهة الإرهاب وسرع من وتيرة ذلك بعد أن أصبحت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني تتوفر على جهاز ضبطي.

Exit mobile version