بيان العدالة والتنمية الصادر عن الاجتماع الاستثنائي لأمانته العامة يقتضي الوقوف جيدا. وينبغي التسطير على “الاستثنائي” بشكل كبير. ما الذي استدعى اجتماعا من هذا النوع؟ لأن اجتماعا استثنائيا يقتضي ظروفا استثنائية، وهي غير موجودة حاليا، باعتبار أن ما هو استثنائي هو الإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء كورونا، بينما سياسيا يعيش المغرب جوا من الالتزام الديمقراطي بإقامة الانتخابات في موعدها المحدد. وبالتالي يكون الاستثناء موجودا داخل حزب العدالة والتنمية وهو ما سنراه من خلال قراءة البيان.
أكثر البيان من الشكاوى المتعلقة بالانتخابات، فمن جهة تحدث الحزب عما أسماه الضغوطات بالوسط القروي من قبل السلطة التي كان لها أثرها الواضح على نسبة ترشيحات الحزب جراء ما تعرض له مناضلو الحزب ومرشحوه سواء من خلال التهديد والترهيب أو من خلال الوعود والإغراءات من بعض المنافسين وبعض رجال وأعوان السلطة. ما على الحزب سوى تأكيد الترهيب أما الترغيب فقضية حزبية بينية تتعلق بمدى قدرة الحزب على تأطير مناضليه.
من جهة أخرى تحدث بيان الأمانة العامة عن استنكاره لما أسماه الخروقات المرتبطة بعملية المراجعة الاستثنائية الأخيرة للوائح الانتخابية العامة، وقال إنه رافقتها إنزالات غير مسبوقة أفضت إلى الرفع من عدد الناخبين الجدد المسجلين في بعض الجماعات بنسب مثيرة تطرح أكثر من سؤال، بالإضافة إلى التشطيبات التي تمت بغطاء قانوني شكلي وفي مخالفة لروح ومقتضيات القانون.
نعرف أن التشطيب شمل بضعة أشخاص من العدالة والتنمية وعلى رأسهم عبد العالي حامي الدين، المستشار البرلماني، وعبد الصمد السكال، رئيس جهة الرباط القنيطرة، وقد لجأ المعنيون بالأمر إلى القضاء وفي كافة مراحله اعتبر عملية التشطيب قانونية وأنها مبنية على ركائز متينة، وبالتالي ما على الحزب سوى الانضباط لقرارات القضاء لأن التشكيك في أحكامه المتعلقة بالقيد الانتخابي هو تشكيك في العملية الانتخابية.
طبعا الحزب اليوم يشكك في العملية الانتخابية برمتها، عندما يتحدث عن تدخل واسع النطاق للسلطة في العملية الانتخابية وعن إغراق اللوائح الانتخابية.
المشكل هو أن الحزب يتحدث عن أمور فات وقتها. الطعن في اللوائح الانتخابية انتهى وقته، والتشطيب مر عن طريق القانون، فلماذا يعود الحزب إلى مثل هذه الأمور؟
سنقول للقارئ لماذا يقوم الحزب بهذه القضية. ليس الأمر متعلقا بالحرص الشديد على نزاهة الانتخابات، والعدالة والتنمية يعرف أن الخروقات محصورة في حالات قليلة ويفصل فيها القانون، ولكن للحزب هدف آخر.
هدف الحزب هو الاستعداد للهزيمة التي أصبحت أمام أعينه، ليس لأن خصومه أحزاب قوية، ولكن لأن تدبيره للشأن العام لمدة عشر سنوات كان فاشلا بل كارثي، والحزب يستبق النتيجة حتى إذا كان التصويت عقابيا لن يعترف بالهزيمة ولكن سيقول إن السلطة تدخلت وإن الانتخابات تم تزويرها ولهذا لم نفز في الانتخابات. البيان هو هروب إلى الأمام فقط.
لماذا يشتكي العدالة والتنمية؟
