Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

لماذا يشذ مسؤولو المحاكم ببني ملال عن السياق الوطني

مصطفى المنوزي 

الحوار ، المجرد عن حسن تفهم الآخر ولا يحفظ كرامة مخاطبه ، مهدد بتحوله إلى نزاع عنيف وغير سلمي “”

مستنتج من مؤلف ” أخلاقيات المحادثة ” ليورغن هاربامس

 

لقد بادرت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، بمعية أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي ، إلى توجيه طلب تدخل ووساطة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان منذ 28 دجنبر من السنة الفارطة ، في سياق تثمين ودعم وتأطير الديناميات الجارية من أجل إيجاد حل للأزمة التي تعرفها العلاقة بين مكونات منظومة العدالة الوطنية ، في ارتباط عضوي مع إشكالية فرض إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح وفي ظل تعارض مُفارق مع حقيقة إختيارية التلقيح واقعيا ، غير أنه منذئذ لم تتوصل الهيئتان بأي تفاعل من المجلس رغم تأكيد توصله بمقتضى تأشيرة مكتب الضبط ؛ ما عدا ما لمحت إليه السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في حوارها مع جريدة أنفاس بريس في شخص مديرها الزميل عبد الرحيم أريري ، من كون الحوار جرى مع كافة الأطراف ، وبأن ” لا يعقل لرجال القانون أن يخرقوا القانون ” ، ودون أن نجتهد في تأويل التصريح حول من تقصد بمن خرق القانون ، فإن الموقف لا يحتاج إلى مزيد نقد ونقض ، مادام شرط المسافة والموضوعية والحياد قد سقط سهوا أو عمدا لا فرق من حيث الأثر ؛ وبالتالي لا داعي للإصرار على طلب التدخل أو الوساطة ، اللهم التنويه والتنبيه إلى أن جميع المسؤولين القضائيين على الصعيد الوطني تجاوبوا إيجابيا مع الصيغة التوافقية التي توصل إليها كل من السلطة القضائية في شخص رئيسها المنتدب ، ورئاسة النيابة العامة في شخص السيد الوكيل العام لدى محكمة النقض ، بحضور وفد عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب برئاسة النقيب عبد الواحد الأنصاري . جميع المسؤولين القضائيين استجابوا ونفذوا محتوى وروح التسوية والتي مفادها ” تحمل مجالس هيئات المحامين مسؤوليتهم في التدبير الذاتي لرقابة الجواز بما ينسجم وضمان الأمن الصحي والسلامة العامة للجميع ” ، ما عدا منطقة نفوذ محكمة الإستئناف ببني ملال القضائي والتي شذ مسؤولوها عن السياق والقاعدة ؛ وهو أمر يحتاج إلى التساؤل جديا وبكل مسؤولية حول خلفيات هذا الاستثناء غير المبرر لا منطقا ولا من زاوية الانضباط المفترض ، ما دام ان الفرع ينبغي أن يتبع الأصل ، باعتبار ان إجراء منع ولوج المحامين والمتقاضين صدر للمسؤولين من أعلى ، والتراجع عنه أيضا حصل من أعلى . يبدو أن إصرار المسؤولين ببني ملال ، على رفض التجاوب مع ما يجري وطنيا من تسوية تحفظ الحق والاعتبار للجميع ، هيبة وكرامة ، هذا الإصرار له ما يبرره في صميم اعتقادهم ، ولكن باعتماد الحوار المتناغم مع التدبير السلمي والحضاري للأزمة ، والذي هو ضروري وواجب من أجل ضمان الأمن القضائي من حق الولوج وحق التقاضي والدفاع والحق في المحاكمة العادلة ، وذلك انسجاما مع الدستور وتناغما مع الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من المرسوم القانون المتعلق بتدبير حالة الطوارى والتي تشترط لتطبيق مقتضياته ان “” لا تحول التدابير المتخذة دون ضمان استمرارية المرافق الحيوية ، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين “” . وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت هؤلاء المسؤولين إلى الشذوذ عن السياق فإن قواعد العدل والإنصاف تقتضي عدم التعسف في استعمال القانون او الحق او السلطة ، إن صح التقدير ؛ فالحكمة في آخر التحليل من الصيغة المتوافق عليها هي الاحتكام إلى منطق العقل برفع سوء الفهم أو التفاهم ، لأن الهدف من رد الاعتبار لحسن الفهم والتفاهم نبل و فضيلة ، فكلا طرفي المعادلة ، في نظر المفهوم الجديد للعدل ، غاية في حد ذاته وليس مجرد وسيلة ، فهما مستقلان عن بعضهما البعض ، وهي ميزة تعضد من خلالهما تحصين مبدأ فصل السلط وتكريس استقلال بعضها عن بعض . فهلا واصلت و دعمت جمعية هيئات المحامين مساعيها مع نظرائها السامين ، حيث لا يعقل التوقف في منتصف الطريق مع استحالة تطبيق قاعدة ” ما لا يدرك كله لا يترك جله ” مقابل قاعدة ” الاستثناء لا حكم له ” ؟

مصطفى المنوزي محام

ورئيس اكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي .

Exit mobile version