Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

لو قدّم لقجع استقالتَه لقدَّم للمغاربة هديةً تُخفِّف عنهم

محمد فارس
في سنة (1938) خلال نهائيات كأس العالم في [باريس]، بقي للمقابلة النهائية كلٌّ من [إيطاليا] و[هانغاريا]؛ قبْل المباراة، أرسل [موسوليني] وفدًا يَحْمل رسالةً إلى الفريق الإيطالي، تُليت على اللاّعبين والـمُشرفين على الفريق، يقول فيها [الدّوتْشي] محذّرًا ومهدّدًا: [إنّ الطائرة التي ستنقلكم لنحتفيَ بكم، يمكن أن تنقلكم مباشرةً إلى السّجن في حالة الهزيمة، وعليكم الآن أن تختاروا..].. فلو كانت [إيطاليا] سنة [1966] تحكُمها زُمْرةٌ ديكتاتوريةٌ، لأُدخِل الفريقُ كلّه السِّجنَ بسبب هزيمته أمام [كوريا الشّمالية] خلال كأس العالم الذي أُقيم في [بريطانيا].. وطبائعُ الاستبداد لا تختلفُ من مستبد إلى آخر، فالشّيءُ نفسُه حصلَ سنة (1964) عندما بقيتْ [روسيا الشّيوعية] و[إسبانيا] للمقابلة النّهائية خلال كأس أوروبا للأمم، حيث استدعى [فرانكو] أعضاء الفريق وأمرهم بالفوز تمامًا كما فازت [إسبانيا] على الشّيوعيين خلال الحرب الأهلية سنة [1936]، وهكذا، تحوّلت مباراة رياضية إلى حرب كما أراد [فرانكو] أن تكون.. وخلال سنة [1978] قامت الدّيكتاتورية في [الأرجنتين] بتهديد اللاعبين خلال كأس العالم، إلى درجة أنّ فريق [البيرو] سمح لنفسه بأن تُسَجِّل عليه [الأرجنتيـنُ] (06) إصابات ليمرّ الفريقُ الأرجنتيني إلى المقابلة النهائية بدل [البرازيل]، وكانت المهزلةُ بالعلامة الكاملة، سجّلها التاريخُ، وبقيتْ مصوَّرةً بالألوان في الشّرائط الوثائقية..
يبدو لكلّ قارئ نبيه، أن هذا يحدُث في الدّيكتاتوريات التي تَقودها زُمَرُ الاستبداد، وبهذا الأسلوب، يحاول المستبِدّون إخفاءَ إخفاقاتهم ويريدون تلميعَ صُوَرِهم، وحتى إن كان الفريق هو الذي انتصر، فإنّ [le mérite] يحسب لهم، وإذا انهزمَ فريقٌ فإنّه وحْدَه يتحمّلُ المسؤولية، فتبدأ عمليات العزل، والإعفاء، ويصبُّ السّخطُ والغضبُ على الفريق وعلى المشرفين عليه ويوظّف إعلامُ التّضليل لإقناع الشعب بذلك، وهذه السُّنةُ معمولٌ بها في كافّة الحكومات الاستبدادية، ولا تُحْتَرم في الشّعوب الحُرّة الديمقراطية، حيث إنّ مباراة رياضية لا تخرُج عن إطارها الرّياضي، ولا تستغلُّ سياسيًا حتى وإنِ انهزمَ فريقٌ مثلاً، وهي حالاتٌ شاهدْناها في دولٍ ديمقراطية وكان آخرُها انهزام الفريق البريطاني في عقر داره أمام الفريق الإيطالي خلال مقابلة النهاية لكأس أوروبا الأخيرة، فبقيتِ المقابلةُ في إطارها الرّياضي الصّرف، فلم يُعْفَ أيّ مشْرف على الفريق، ولم تُتَّخذ أيُّ إجراءات ضدّ أحد، لأنّ هناك فرقًا بيْن ما هو رياضي وما هو سياسي؛ هكذا!
لكن في بلاد تدارُ أمورُها بأحطِّ رجالها الذين لا هم بسياسيين، ولا هم برياضيين، فإنّ الأمورَ تختلف تمامًا، وأنتَ ترى أن الخطأَ الذي ارتُكِب خلال كأس العالم في [موسكو] تمَّ تكرارُه خلال (كأس العرب) في [قطر]؛ لقد ذهب السّيد [لقْجَع] إلى [موسكو] وسافرتْ معه جماعةٌ لا علاقةَ لها بالكرة على حساب ميزانية الدّولة، واجتمع بأفراد الفريق وكانت النّتيجة كارثية؛ الخطأُ نفسُه يتمُّ إنتاجُه مجدّدا، حيث سافر السّيد [لقجع] إلى [قطر]، ثم قَلْبُ المؤمنِ دليلُه، حيث قلتُ لزوجتي: [سينهزم فريقُنا]؛ قالتْ: [كيف عرفتَ ذلك؟]، قلتُ: لأنّ الله لا يجعَل التّوفيقَ على يد هؤلاء، وأنتِ تَريْن كيف تقوم حكومتهُم بأعمال أحدثتِ الغضب الشّعبي، وإجراءات عشوائية أنتجتِ التّوتّرات وكرّست اليأسَ في الأنفس.. ذاك ما حدث فعلاً، فالتّشنُّج والضغط اللّذان يعانيهما اللاّعبون، لا يختلفان عمّا يعانيه الشعبُ بكافّة طبقاته وشرائحه؛ فالسيد [لقجع] أراد أن يلمِّع صورتَه، وأرادَ أن يعودَ إليه الفضلُ في حالة الفوز، وحيث حدثتِ الهزيمةُ في كأس العرب، وهي كأسٌ لا قيمةَ لها أصلا ولا تلفِتُ أنظار العالم، فإنّ السيد [لقجع] سيقوم بحلّ الفريق، وإعفاء المدرّب [عمُّوتة] الذي قدّم خدماتٍ جليلة، منها فوزُه بكأس [إفريقيا] للمحلّيين، ولكن ماذا قدَّم السّيد [لقجع] صاحب الرقم القياسي العالمي في المهمّات، حيث له [06] وظائف، وكلّفَ بلادَنا أموالاً طائلة، وأثّثَ المشهدَ الفولكلوري في الجامعة بعدّة أفراد لا دورَ لهم غيْر تقاضي الملايين شهريًا من أموال الشّعب المغلوب على أمره، ثمّ إن السّيد [لقجع] لا يَصرف شيئًا من جيبه، فخزينة الدّولة مستباحة ولا أحدَ يسائله..
نحن نعْرف كيف وصل السّيد [لقجع] إلى الجامعة، وكيف عمّت الفوضى عملية الانتخابات، حتى لإنّ [الفيفا] شكّكتْ فيها وقد كتبْنا منذ ثماني سنوات، وطالبْنا بإعفائه من هذا المنصب خدمةً للوطن.. فلو كان السّيد [لقجع] وطنيّا صادقًا، لقدّم استقالته بروح رياضية، ولحلَّ المكتبَ الجامعي بدلاً من اختيار أكباش الفداء ليبرِّئَ ساحتَه، وهذا ما يحدُث في الدّول الديمقراطية عادةً؛ ولكن في الدّول المتخلّفة، فالسّادةُ لا يُخْطِئُون، ولا يحاسبون، ولا يُساءلون، فهم المستبِدّون الذين يتأنّقون بوشاح ديمقراطية زائفة، ويصوّرون إخفاقاتِهم على أنّها نجاحات، فيطبِّل لهم إعلامُ التّضليل، ويتغنّى بأعمالهم شُعراءُ التّكسُّب، ويشيد بهم كتبةٌ سفْسطائِيون، فما دام هؤلاء منقضّين على رقابنا، ويتحكّمون في مصائرنا، فالفشلُ المستدامُ سيظلُّ حليفَنا؛ واحر قلباه!

Exit mobile version