تقارب الساعات المقبلة، الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة من الدار البيضاء، والكشف عن الوزراء الجدد في حكومة سعد الدين العثماني، وطبيعة مجموعة من “البروفايلات” ذات الكفاءة والتجربة، والكشف عن أسماء الوزراء “التكنوقراط” المجندين لتطعيم الجسد الحكومي بدماء جديدة، للعمل على مواكبة مخططات الإصلاح الجديدة في الإقلاع الشامل، وتفعيل الأجندة الملكية في الإسراع بمشاريع و أوراش التنمية والتشغيل والتعليم والتكوين والصحة والاستثمار والجهوية واللاتمركز.
ويتجه التعديل الحكومي الجديد، الى تغيير شامل في طبيعة الحكومة، بما يشبه “حكومة جديدة كاملة”، إنطلاقا من الاستغناء عن كتاب الدولة وجعل الوزارات قطاعية محددة في الصحة والتشغيل والتعليم والاقتصاد والمالية، تتفرع منها مندوبيات تابعة للوزارة، وتقليص العدد الحكومي من 40 وزيرا الى 30 و 25 وزيرا، بما يساهم في ترشيد نفقات التكلفة المالية لوزراء العثماني، ومواكبة ميزانية 2020، وتحديد طبيعة الأوراش والمشاريع لكل قطاع حكومي، والتوجه نحو تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والإنخراط عبر برامج محددة لتنزيل كافة الأوراش الإستعجالية في التكوين والتربية والتشغيل والصحة والاستثمار.
ويحاول سعد الدين العثماني، رفع أسماء وزارية جديدة غير مرشحة ذي قبل لأي منصب حكومي أو سياسي، تستجيب لمعايير الكفاءة التي نادى بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لمواكبة المرحلة الجديدة من الإصلاح في الإقلاع الشامل، وتنزيل التوجيهات الملكية على أرض الواقع، دون السقوط في حسابات سياسية وصراعات حكومية، والعمل على برامج المسطرة ضمن أجندات محددة تستجيب لمتطلبات المرحلة، وتتفادى السقوط أمام إكراهات الأغلبية.
وخاض سعد الدين العثماني، المشاورات بدهاء سياسي، مكنته من الحصول على خروج هادئ لحزب التقدم والاشتراكية، ومعالجة قضية التقليص الحكومي الرقمي بصورة هادئة، بعدما كشف حزب التقدم والاشتراكية، أن الأغلبية الحكومية الحالية، ومنذ تأسيسها إلى اليوم، وضعت نفسها رهينة منطق تدبير حكومي مفتقد لأي نَفَس سياسي حقيقي يمكن من قيادة المرحلة، والتعاطي الفعال مع الملفات والقضايا المطروحة، وخيم على العلاقات بين مكوناتها الصراع والتجاذب والسلبي وممارسات سياسوية مرفوضة، حيث تم إعطاء الأولوية للتسابق الانتخابوي في أفق سنة 2021، وهدر الزمن السياسي الراهن مع ما ينتج عن ذلك من تذمر وإحباط لدى فئات واسعة من جماهير شعبنا.
وأكد بنعبد الله ” أنه نتيجة لغياب الحد الأدنى من التماسك والتضامن بين مكونات الأغلبية، تعمق لدى فئات واسعة من المواطنات والمواطنين فقدان الثقة في العمل السياسي، خاصة بعد العجز الحكومي في التفاعل الايجابي والسريع مع ما تم التعبير عنه من مطالب اجتماعية ملحة من قبل بعض الفئات الاجتماعية والمجالات الترابية، في وقت يعرف فيه النمو الاقتصادي بطئاً واضحاً، وعجز النموذج التنموي الحالي على إيجاد الأجوبة الملائمة للإشكاليات المطروحة على صعيد تطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وان هذه الوضعية وما يميزها من أجواء وعلاقات بين فرقاء داخل الأغلبية السياسية، التي من المفروض أنها تتأسس على برنامج حكومي متوافق عليه، ومؤطرة بميثاق أخلاقي وتعمل بشكل متضامن، عمقت من حالة الحيرة والقلق والانتظارية التي انتشرت وتنتشر في أوساط مختلفة من المجتمع.
وكشف الحزب المحتج على الحكومة، أن” المبادرات والإجراءات الإصلاحية التي لها أهميتها، لم تُوَفَّق الحكومة وأغلبيتها في حملها سياسيا بالقدر الكافي لشحد الهِمَم وإنارة الطريق وضمان الانخراط الفعلي للفئات الاجتماعية المعنية وتعبئة الرأي العام حول المشروع الاصلاحي الذي التزمت به الحكومة.
وكشف الحزب أن” خطاب العرش لسنة 2019 محطة أساسية ، بعدما وقف جلالة الملك على الثغرات والنقائص التي تعتري العمل الحكومي، مشددا على ضرورة التعاطي الجدي مع معضلة محدودية قدرة الاقتصاد الوطني والآلة الانتاجية على خلق الثروة وتوفير الشغل، وإشكالية العدالة الاجتماعية والمجالية التي تمكن من جعل أوسع فئات جماهير شعبنا، في مختلف المناطق والجهات، خاصة المجالات الترابية المقصية، في هوامش المدن وفي الأرياف والقرى والجبال، تَلْمَسُ أثر الإصلاح في الاستجابة إلى مطالبها المشروعة وحاجاتها الملحة، وعلى هذا الأساس كان الطلب الملكي بإجراء تغييرات في مناصب المسؤولية في الحكومة والإدارة.
وكشف الحزب أن ” المشاورات المتصلة بالتعديل الحكومي ظلت حبيسة منطق المناصب الوزارية، وعددها، والمحاصصة في توزيعها، وغير ذلك من الاعتبارات الأخرى، دون النفاذ إلى جوهر الموضوع، حيث لا إصلاح دون المدخل السياسي الواضح، والبرنامج الحكومي الطموح المرتكز على الأولويات الأساسية، والإرادة القوية في حمل مشروع الإصلاح ورفع تحدياته وربح رهاناته”، الأمر الذي دفع بالمكتب السياسي، الى اتخاذ قرار عدم الاستمرار في الحكومة الحالية.