Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ماذا لو قتل نائل في غير فرنسا؟

لم تعد المعايير مزدوجة فقط ولكنها متعددة الأشكال، وتخضع في تطبيعها لطبيعة الدولة التي تقع فيها الأحداث، وما زلنا ننتظر من أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، أن يعبر عن قلقه تجاه ما يجري، ولهذا يجري قمع الفرنسيين من قبل القوات الأمنية وغيرها ب في فرنسا في صمت لكل القوى الكبرى في العالم، لمجرد أن فرنسا ما زالت، رغم ضعفها وهشاشتها تعتبر قوة دولية تمتلك حق الفيتو بمجلس الأمن الدولي.
لا يمكن بتاتا تبرير التخريب، لكن العديد من الفرنسيين من المهتمين طبعا يفسرون ما يجري وأنه تعبير عن الغضب الفرنسي تجاه السياسة الماكرونية.
ما يجري اليوم يشبه إلى حد كبير ما جرى في ماي 68، غير أن هناك فارقا بين الحدثين، في ماي 68 كانت الثورة ثقافية، اي ثورة ما بعد الترف الذي عاشته فرنسا نتيجة نهبها لخيرات إفريقيا، وكانت المطالب تتعلق بالأشكال الثقافية، وهي التي سيتم تنفيذها فيما بعد خصوصا مع وصول فرنسا ميتران للسلطة، كما تميزت بوجود قيادات طلابية، لكن اليوم هي تعبير عن الغضب العارم تجاه دولة بأكملها، لكن دون شعارات محددة ودون مطالب محددة ودون قيادات معروفة، وهنا مكمن الخطر.
حاولت السلطات الفرنسية الترويج لأمر غريب وهو أن غير الفرنسيين هم من يقوم بأعمال التخريب.
هذه مغالطة كبيرة جدا. لأن المحتجين كلهم فرنسيون. هناك فرنسيون جلدهم أبيض وهناك فرنسيون حصلوا على جنسية البلد وهنا مولودون في هذا البلد من الجيل الرابع أو الخامس من المهاجرين.
مخطئة فرنسا عندما تعتقد أنها تقدم إحسانا للمهاجرين. لا ينبغي أن ينسى ماكرون أن أجداده استقدموا العمال من العالم الثالث وخصوصا من شمال إفريقيا قصد إعادة بناء البلد الذي دمرته الحرب العالمية الثانية وضاع أغلب الذكور فيه، وتم استقدام العمالة للقيام بالأشغال الشاقة في شكل من العبودية المقنعة. لا ينبغي لفرنسا أن تمن على الأحفاد بما قدمته لأاجدادهم ولكن أن تعتذر منهم لأن أسلافهم اشتغلوا في ظروف سيئة للغاية.
تجاوزا يمكن القول إن ما وقع بين الدولة الفرنسية والمهاجرين هو تبادل منافع. هي قدمت لهم فرصة للعمل وهم قدموا لها حياتهم لإعادة بنائها.
الآن نعيد التساؤل: ماذا لو كان نائل غير فرنسي؟
لو كان نائل غير فرنسي لانقلب العالم وسمعنا التنديد من كل جهات الدنيا، وربما تم التدخل في البلد بحجة حماية المحتجين، لكن لأن نائل فرنسي فقد تم السكوت عن جريمة إعدامه في الشارع العام تحت حكم “نزوة” شرطي عنصري.
والسؤال الآخر: ماذا لو كان نائل جلده أبيض ولم يكن أصله من شمال إفريقيا؟ لم تكن فرنسا لتنقسم ولكانت توحدت ضد الحكومة.

Exit mobile version