سؤال لم يطرحه أحد نحاول التفاعل عبره اليوم: ماذا لو كان الإضراب، الذي يشهده قطاع التعليم منذ حوالي ثلاثة أشهر ونصف، في قطاع غير قطاع التعليم؟ ماذا كان سيقع لو كان الإضراب في قطاع الصحة مثلا ودام شهرا كاملا؟ كيف كانت ستتصرف الحكومة لو كان الإضراب في المحاكم وتعطلت مصالح المتقاضين؟ أي سلوك كنا سنراه على الوزارات لو كان الإضراب في قطاع الجماعات المحلية وتم تجميد استصدار الوثائق التي تهم مصالح المواطنين؟ هل كانت الحكومة ستتحمل إضرابا طويل الأمد في قطاع النقل، مع ما سيحدث من تضرر كامل لمعيشة الناس؟ والأسئلة تثرى ولا ينقطع النفس ونحن نثيرها وهي متعددة، والإجابة عنها ملحة ومستعجلة حتى لا يتم تخريب كل ما بنيناه في السنوات الأخيرة.
منذ بداية الموسم الدراسي الحالي وقطاع التعليم يشهد إضرابات متواصلة لمدة أربعة أيام في الأسبوع، في البداية خرج وزراء الحكومة بكلمات عنترية زادت الطين بلة، ومنهم من ليس معنيا بالملف أصلا، مثل الذي “لا يوجد من يستطيع لوي دراع الحكومة”، وأظهرت الحكومة تعنتا كبيرا، حتى وصل السيل الزبى، وضاع من الزمن التعليمي قرابة الأربعة أشهر وهي بمقياس الزمن ملايين الساعات التعليمية، التي ذهبت هدرا، دون ان يعني ذلك شيئا لأي واحد.
قالت الحكومة إنها وقعت مع النقابات، وبالتالي فإن قانون النظام الأساسي متفق عليه، وتبين أن النقابات رغم حيازتها لصفة الأكثر تمثيلية لم تعد اللاعب الرئيسي وسط القواعد، بينما تولت التنسيقيات التي تكونت ميدانيا مسؤولية تأطير الأساتذة، لكن رغم المجهود الذي تحقق بفضل تدخل إحدى النقابات ذات التوجه الراديكالي، فإن رئيس الحكومة عاد لـ”يثقب لها عينها” كما يقال في اللغة المغربية البليغة، عندما قال: لا يمكن أن نتفاوض في ظل الإضراب.
لا شيء يمنع من التفاوض. ولا يوجد شكل يجعل الحوار غير ممكن، وكثير من المفاوضات تتم تحت لواء الإضراب.
نعود إلى السؤال المحوري من بين عشرات الأسئلة المطروحة: ماذا لو كان الإضراب، الذي يشهده قطاع التعليم منذ حوالي ثلاثة أشهر ونصف، في قطاع غير قطاع التعليم؟
طبعا لن تقف الحكومة مكتوفة الأيدي لو كان الأمر يتعلق بقطاع تصنفه هي بأنه مهم جدا، وبالتالي نستنتج أن قطاع التعليم هو قطاع لا توليه الحكومة أهمية، ولا توليه النقابات أهمية، ولا يوليه المواطنون أهمية. من جعل قطاع التعليم بلا أهمية لدى المغاربة؟ من أوصل المدرسة والعمومية منها بشكل خاص إلى هذا المستوى، الذي لم يعد فيه انقطاع أبناء المغاربة عن التعليم ذو أهمية؟
عدم الاهتمام بالقطاع في هذه اللحظة المفرقة يعني أن التعليم لا يساوي شيئا ولن نقول أي اسم من أسماء الخضر التي أصبحت لها أهمية كبيرة يا ريث لو كانت للعلم والمعرفة والمدرسة.
ماذا لو كان الإضراب في غير “التعليم”؟
