Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ما السِّر في عدم احترام ألمانيا لِـمُقدّسات المغرب وسيادتِه ووحدَتِه التّرابية؟

محمد فارس
الاحترام المتبادل بين الأشخاص، وبين الدول، هو الطريق الأوحد والأقصر للتعايُش، والسلم، والتعاون، ولا طريق غيْر طريق الاحترام؛ وهنا أطرح سؤالاً انطلاقًا من هذه المسلّمة على ضوء ما تتعرض له بلادُنا، وعلمُها، ووحدَتُها التّرابية في [ألمانيا] فنسأل: هل دولة [ألمانيا] تحترمُنا كدولة مستقلة، ذات سيادة، ولها مقدّسات يجب احترامُها وعدمُ المساس بها؟ الجواب: كلاّ! فالدولة التي لا تعترف بوحدتِكَ التّرابية، وتحتضن الخونةَ والانفصاليين، وتسمحُ لهم بإهانة مقدّساتك، والعبث بعلمِك، فهي دولة لا تحترمُكَ، ولا تقيم لوجودكَ وزنًا، وخير لكَ أن تنبُذَها بالمرّة.. لكن ما هو [الاحترام] أو [Respect] كما يُقال بالفرنسية والإنجليزية؟ يُقال: احْترم الشخص، هابَهُ.. والاحترام شعورٌ خاص يتضمّن الاعتراف بما لبعض الأشخاص، أو المثُل العليا من قيمة أخلاقية.. وفي كتاب [نقد العقْل العملي] للفيلسوف الألماني [إيمانويل كانْط] الذي لا يحترُمنا بلَدُه [ألمانيا] له في كتابه هذا، تحليلٌ لهذا الشّعور من جهة ما هو أحَد بَواعث العقل العَملي حبّذَا لو راجعَه السّياسيون العُمي في [ألمانيا]..
ومن معاني الاحترام: الامتناعُ عن التفريط فيما يجب القيامُ به من حقّ القانون، أو الشخص، أو الدّولة؛ تقول: احترامُ الشخص الإنساني، واحترامُ الدولة الأخرى، واحترامُ المقدّسات، واحترامُ الحقيقة الثابتة، واحترامُ الحقوق.. قال [كانط].. [إن الاحترام دَيْنٌ لابدّ من تَأْديته إلى من يستحقّه، والقانونُ الأخلاقي مُقدّس، ومع أن الإنسان، من حيثُ هو كائن طبيعي، بعيدٌ عن التقديس، إلاّ أن الإنسانية الممثَّلة في شخصه يجب أن تكون مقدّسة]، ونسبة الاحترام إلى الحبّ، كنسبة الاحتقار إلى الكُره.. وإذا كان من حقّ الاحترام أن يكون مصحوبًا بقسط من الحبّ، فإن من شقاء المحبّين أن يحبّوا أشخاصًا لا يستحقون الاحترام.. وبلدُكَ يا سيد [كانط] يحترمُ خونةً لوطنهم، ويحتضنهم، ويَسمح لهم بالإساءة لبلد صديق هو [المغرب]؛ وهؤلاء الخونة لبلدهِم لا يستحقون بتاتًا احترام بلدِك [ألمانيا] لهم.. و[المغرب] كبلد يحترم [ألمانيا]، لا يمكنه أن يسمح بالإساءة لِـ[ألمانيا] أو المساس بمشاعر الألمان، والعبث بعلمهِم بأيّة حال..
إنّ [المغرب] دولة مستقلّة، ذات سيادة، وجب احترامُها من طرف دول تعرف معنى السيادة؛ و[ألمانيا] عجّت سياستُها بيمين متطرّف، ويسارٍ فوْضَوي، إلى جانب أجنحة تنتمي إلى النازيين الجدد، وفصائل تدافع عن الشّذوذ، وسياسيين يَسْتبطنون النازيةَ ويُظهرون الديمقراطية المزيّفة إلى جانب عنصرية بغيضة عمّت البلد بِرُمّته.. لكن دعْنا نعرف ماهيةَ [السيادة] أولاً قبل إصدار أيّ حكم متسرّع، فما هي السيادة؟ [السيادة] مصدر (ساد)؛ تقول: ساد، سيادةً: أي عظُمَ وشُرِّف؛ وسادَ قَوْمَه: أي صار سيّدهم، ومنه سيادةُ الدّولة، وسيادة القانون.. وإذا أضيفَ لفظُ السّيادة إلى الدولة، دلَّ على السّلطة السّياسية التي تُسْتمدّ منها جميعُ السّلطات الأخرى، والدليلُ على ذلك، ما جاءَ في إعلان حقوق الإنسان من إشارة إلى أن كلّ سيادة، فهي مستمدَّة من الشعب، لا يمكن لأحد أن يمارسَها إلا باسمه، وهي واحدة لا تنقسِم، ولا تبطل بمرورِ الزمان.. ويُطلق لفظ [السيادة] على استقلال الدولة عن غيْرها استقلالاً تامّا.. وإذا كانت سيادةُ الدّولة مستمدّة من الشعب، كان نظامُها ديمقراطيًا أكان ملكيًا أو جمهوريًا، وإذا كانت غيرَ مستمدّة من الشعب، كان نظامُ الدولة ديكتاتوريًا؛ و[المغرب] بلد ملكيٌ، ديمقراطيٌ، يستمدّ سيادتَه من الشعب؛ وانطلاقا من هذا، تكون [ألمانيا] والخونة الذين تحتضنهم، وترعاهُم، مسيئيـنَ لدولة [المغرب] ملكا، وشعبًا، لا شكّ في ذلك..
وعلى هذا الأساس، تكون [ألمانيا] معتدية على سيادة [المغرب]، وعلى مقدّساته، وعلى شعبه.. يُقال: اعتدى المرءُ على غيره، أي ظَلمه.. ويُطلق [الاعتداءُ] عند الفلاسفة، على كلّ سلوك يهدف إلى إيذاء الغير أو الذّات، أو ما يحلّ محلّهما من الرموز.. والاعتداءُ عند [فرويد]، ناشئ عن غريزة التهديم، والنقض؛ ولكنّ بعض العلماء الـمُعاصرين يعدّ الاعتداءَ مظهرًا من مظاهر إرادة الحياة؛ وربّما كان السّلوك العُدْواني تعويضًا من الحِرمان الذي يَشْعر به الشخصُ أو الدّولة المعتدية؛ وإذا حيل دونَ بلوغ غريزة العدوان غايتَها من الإيذاء الخارجي الواقع على الآخرين، اتّجهتْ إلى صاحبها.. و[ألمانيا] حُرِمَتْ من الاستعمار، وانتُزِعَتْ منها [دانْزيك] وأُعطِيتْ لدولة [بولندا]، ممّا جعلها تَشعُر بالنّقص، وتعمّقتْ في نفسيتها نوازعُ عدوانية منها ما يُنفّذه لها بالوكالة خَونَتُها الذين ترعاهم، وتؤمّنُ لهم الحمايةَ على أرضها.. فإذا كان العالمُ قد أنكر على [ألمانيا] مِلْكيتَها لمدينة [دانزِك]، فلماذا هي ستعترف بالصّحراء المغربية!؟ لهذا تراها عُرضة لأحوال نفسية مضطربة وترفض لدول أخرى استكمالَ وحْدتها التّرابية؛ لذا فإن [ألمانيا] تعاني من ماضٍ يوجَد أمامها ومن أحوال نفسية قاسية نرجو لها الشّفاء العاجل..

Exit mobile version