من غرائب الصدف وعجائب الانتخابات المغربية ليوم الثامن من شتنبر، أن ارتفاع الأسعار في المحروقات بالمغرب تزامن مع انخفاض أثمنة البترول في العالم. لقد سجل البرميل انخفاضا ملحوظا في السوق الدولية، وفي نفس الوقت سجلت أسعرا المحروقات بالمغرب ارتفاعا مع ارتفاع حرارة الصيف وشدة الطلب على السفر والتحرك.
كان يمكن للحكومة وللفاعل الاقتصادي المتحكم في سوق المحروقات، ولتجمع المصالح الكبرى، أن يبرر ذلك بارتفاع التكلفة، لكن واقع الحال يفيد أنه لم يحدث أي تغيير على تكاليف التأمين والنقل دوليا، وبالتالي هذه الزيادة شبيهة بسابقاتها، التي لا مبرر لها سوى شجع “تجمع المصالح الكبرى”.
قصة المحروقات في المغرب غير مفهومة بتاتا. من سمح بتحرير المحروقات هو عبد الإله بنكيران، لما كان رئيسا للحكومة، لكن من كان وراء الملف هو الوزير صاحب الهولدينغ الوزاري الكبير عزيز أخنوش، الذي كان له تأثير قوي في الحكومة آنذاك بل خلال ولاية حكومتي العدالة والتنمية.
لكن تحرير سعر المحروقات كان من المفروض أن يكون مصحوبا بقرار التسقيف، إذ لا يوجد في العالم حكومة تقوم بتحرير قطاع ما يعتبر استراتيجيا دون أن تضع تسقيفا معينا، بل دون أن تبقي الخيوط بيدها بما في ذلك إعادة بسط السيطرة عليه، مثلما فعلت الحكومة الفرنسية أخيرا عندما استعادت شركة الكهرباء وهيمنت الدولة على رأسمال هذه الشركة مائة بالمائة.
يعني أن القطاعات الاستراتيجية لا يمكن أن تكون بيد القطاع الخاص يتلاعب بها كيفما شاء، ولكن خيوطها ينبغي أن تبقى لدى الحكومة كي تراجعها كلما عنّ لها ذلك، وهو ما وقعنا فيه في المغرب، حيث أصبح تجار المحروقات يعيثون زيادات في الأسعار دون مراجعة أحد وكأن الحكومة غير موجودة، وللأسف الشديد أن رئيس الحكومة يعتبر واحدا من أكبر تجار المحروقات، إن لم يكن المتحكم في هذه السوق الغامضة جدا.
فنحن الآن وغذا وإلى أن تتغير القوانين سوف نبقى تحت رحمة من يملك خيوط لعبة هذا السوق، حيث لا يعرف أحد كيف يتم تحديد الأسعار لتسويق المحروقات، وحتى بلاغ مجلس المنافسة الذي قال إنه وجه توبيخا لتسع شركات لأنها لم تحترم شروط المنافسة يبقى ملتبسا ولا فائدة من ورائه مادامت لن تترتب عنه قرارات تنعكس إيجابا على المستهكل، الذي هو المواطن المغربي، لن سوق المحروقات تتحكم في باقي الأسواق.
لا نعرف كيف يتم تحديد السعر وكيف يرتبط ذلك بالسوق الدولية، وكلما تحدث لأأحد عن انخفاض الأسعار في السوق الدولية جوبه بأشياء أخرى لا يعرفها المواطن العادي بل يعرفها المكتخصص جدا، ويقولون إنها تتحكم في الأسعار وتحديد قيمتها، بل إن أخنوش قال لنا هو ووزيرته في الطاقة والمعادن “ينبغي أن تحمدوا الله أن سعر الغازوال لم يصل إلى 25 درهما”.
محاولة لفهم لبس أسعار المحروقات
