Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

محجبات في لوائح اليسار

إدريس عدار
اللباس لغة الجسد كما يقول رولان بارث. وكل جسد يتكلم اللغة التي تعجبه. تتحكم عوامل اجتماعية وثقافية ودينية أحيانا في لباس الناس. ولهذا يبقى من غير المفهوم عندي أن يستنكر البعض وجود نساء يضعن غطاء الرأس في لوائح اليسار في الانتخابات. غطاء الرأس قضية اجتماعية قبل أن تكون ذات حمولة أخرى وخصوصا فقهية، ولهذا لم استوردت الحركات الإسلامية أنواعا من اللباس الرجالي والنسائي ظهرت غريبة. لأنه لباس القوم ولا علاقة بالمفهوم الفقهي للباس الشرعي. وبالمناسبة حتى لدى المتشرعة ليست هناك صيغة معينة للباس. قد تكون له قواعد ولكن لا شكل له، وكثير من الأشكال التي دخلت مع الإسلاميين تعود إلى أقوام كانوا يلبسونها حتى قبل أن يعرفوا الدين.
أن تكون يساريا يعني أن تمتلك الأدوات العلمية لتحليل الواقع. أن تكون يساريا لا يعني بالضرورة أن تحدد موقفا من الدين. قد يكون لليساري مزاج ديني مختلف. بل قد تتحد النظرة اليسارية بالدين لتخلق رؤية جديدة مثلما حدث مع “لاهوت التحرير”.
تستقطب التنظيمات اليسارية مواطنين مغاربة. ولهؤلاء المواطنين أمزجة مختلفة، وليسوا كلهم على مستوى واحد من التكوين الثقافي، في وقت لم تعد الأحزاب تتحمل دورها في تثقيف المواطن. كانت التنظيمات السياسية في وقت من الأوقات تهتم بالثقافة والفكر أكثر من أي شيء آخر. كان المناضل اليساري أكثر الناس قراءة واطلاعا تم المنتمين للحركات الإسلامية. من خلال القراءة كان المناضلون يشكلون موقفا معينا. غير أن بعض المواقف تحولت إلى “كليشهات” فقط. ما زال كثير من المتتبعين يحاكمون اليسار بناء على مقولة ماركس “الدين أفيون الشعوب”. سوسيولوجيا قد يكون أحيانا أكثر من الأفيون.
عندما يكون الدين تجارة للتحكم في مصير المواطن فهو صنو الأفيون وشقيقه بل أكثر منه. لكن هده محاكمة لقراءة محددة للنص. والنص حمال أوجه بل هو صامت إن لم يتم استنطاقه لا يفصح عن معناه. ولهذا كل من تضع غطاء للرأس هي لدى البعض عنوان لهذا الأفيون.
هنا مكمن الغلط. الناس تنتمي للأحزاب ليس وفق خيارات عقدية ولكن وفق خيارات سياسية. لقد انتمى فقهاء وعلماء دين لأحزاب يسارية. لقد ترأس شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية. والحالات من هذا النوع كثيرة ولا حصر لها.
قد يكون الحجاب مجرد خيار اجتماعي، وقد يكون ذو مسحة سياسية، وقد تلبسه المرأة التزاما فقهيا. لكن هل يتناقض مع الانتماء اليساري؟ قد يكون ذلك إذا اعتمدنا قراءة ميكانيكية لمفهوم اليسار، وهي قراءة تلتقي ضمنيا مع القراءة الميكانيكية لمفهوم الدين.
تبقى نقطة لابد من التعريج عليها، تتعلق بتدني الوعي الثقافي عموما لدى التيارات السياسية حيث أصبح الفكر آخر اهتمامات الأحزاب السياسية، لهذا نرى أحيانا انتقالات سوريالية بين الأحزاب السياسية، لكن هذا لا ينبغي أن يغطي على أن الاستهزاء بوجود محجبات في لوائح اليسار غير منطقي.

Exit mobile version