يمثل محمد زيان، نقيب المحامين بالرباط الأسبق والمحامي الموقوف من قبل النقابة، قمة التناقض. رجل محاماة لمدة خمسين سنة وواحد من أكبر من يخرق القانون. لا نقصد هنا التهم التي آخذته المحكمة من أجلها. فللقضاة وجهة نظر لا يفهمها الباقي، لكن نحن نقصد ما صدر عنه من تصريحات بوسائط التواصل الاجتماعي..يعرف زيان أكثر من غيره أن إثنين فقط من حقهما توجيه الاتهام لأي شخص: النيابة العامة وقاضي التحقيق، لكنه أصر دائما على ارتكاب المخالفات القانونية في حق الآخرين أشخاصا ومؤسسات.
الآن هو وراء القضبان قصد قضاء العقوبة المحكوم بها والتي أصبحت نهائية بعد محكمة الاستئناف. سيركز كثيرون على الفترة الأخيرة من حياة محمد زيان. وهو أصلا كان يستهدف جيلا من الشباب لا يعرفون عنه سوى تلك الخرجات الإعلامية، التي يظهر فيها أنه معارض، وهي خرجات محسوبة حتى يعتقد من لا يعرفه أن اعتقاله هو نتيجة مواقفه. والحقيقة أنه لا موقف له ولكن لما دخل مرحلة تصفيات حسابات مع جهات غير معروفة حتى أصبح كمقاتل طواحين الهواء، أصبح كائنا شبيها بكائنات “روتيني اليومي”.
وكانت النيابة العامة وجهت عدة تهم لزيان من بينها إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم، ومساعدة شخص على الهروب، وإهانة أحد رجال القضاء بأقوال وإشارات من شأنها المساس بشرف الاحترام الواجب للسلطة والمشاركة في الخيانة الزوجية.
وكانت المحكمة الابتدائية قد دانت زيان بالتهم الموجهة إليه وحكمت عليه بثلاث سنوات سجنا وغرامة مالية قدرها خمسة آلاف درهم.
هذه تهم يعاقب عليها القانون. لن نعلق على منطوق الحكم وليس هذا شأننا. ولا دخل لنا في مدة الحكم وهل هي قاسية أم مخففة؟ فلهيئة الحكم “واسع النظر” كما يقول المحامون في آخر مرافعاتهم. لكن أن يصور زيان نفسه بطلا مدافعا عن الفقراء فتلك حكاية أخرى.
محمد زيان مارس المحاماة لمدة تفوق خمسين سنة تولى فيها “النقابة” مرة واحدة. محمد زيان كان محامي الحكومة، وهو الذي دافع عنها في مواجهة نوبير الأموي. لم يكن محاميا فقط ولكن كان طرفا كما لاحظ المتتبعون، وأرسل الأموي، المدافع الحقيقي عن الفقراء إلى السجن.
حارب النقابيين وكل المنظمات الحقوقية التي كانت تدافع عن حقوق الإنسان وعن حقوق الفقراء. شارك في الاستقواء على كثير من المناضلين.
لم يكن دفاع زيان عن الحكومة مجانا، ولكنه استفاد بشكل كبير جدا. زيان استفاد من نعم الدنيا والدولة بشكل كبير. وكان يجد احتراما لدى كل المسؤولين. لكنه في لحظة من اللحظات أصبح يتدخل فيما لا يعنيه.
غير أن ما نود قوله هنا هو أن زيان لا يعاقب لأن لديه مواقف معارضة، ولو كان الأمر كذلك فسنقول لماذا لم يتم اعتقاله منذ مدة وقد أكثر قولا وأغلظ ومارس الفاحشة في الكلام في حق المؤسسات والأشخاص؟
نعرف أن محمد زيان تم توقيفه عن ممارسة مهنة المحاماة لمدة محددة من قبل “نقابة المحامين”. ومن الصعب أن تصدر النقابة مثل هذا القرار لو لم يكن قد ارتكب مخالفات كثيرة ومنها ما تم بثه ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي. نقابة المحامين “منزهة عن العبث” كما يقال ومتشددة في إصدار الأحكام حيث من غير المتوقع أن تصدر حكما جزافيا. إذن ما علاقة قرار نقابة المحامين بمواقفه السياسية إن كانت له مواقف سياسية وليس شتائم وسباب وإهانات؟
ومحكمة الاستئناف هي محكمة لمراجعة الأحكام الابتدائية، وتم إقرار مراحل متعددة للتقاضي حتى يتم تفادي “الظلم” في حق أي متابع. لا يمكن لزيان أن ينفي التهم التي تمت مؤاخذته بها. فهل لهذه التهم التي فيها الجنح والجنايات علاقة بمواقفه المعلنة؟
محمد زيان خالف القانون، وهو أعرف الناس به، وعاقبه رجال القانون والآن ينفذ نتيجة انتهاكه للقاون. غير ذلك مهاترات متحدثين أصبحوا “معارضين في خمسة أيام”.
محمد زيان..قصة محام يحارب طواحين الهواء
