المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية تسعى دائما إلى صياغة إطار لعمل الوزارات قصد تحديد الإمكانيات المالية والحاجيات من أجل تدبير جيد للتسيير وإنجاز المشاريع، وهي أكثر المذكرات التي ينبغي أن تكون بعيدة عن المغالطة، التي يراد بها توجيه الرأي العام، لأنها تهم مستقبل البلاد، وعندما تطلع على المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2023 التي وجهها رئيس الحكومة إلى القطاعات الوزارية، تقرأ أنها حكومة عزيز أخنوش، المرفوع في وجهه هاشتاغ إرحل، (تقرأ) أنها ستعمل الحكومة خلال 2023 على تنزيل تعميم التعويضات العائلية وفق مقاربة جديدة تقوم على الدعم المباشر، عبر استهداف الفئات المعوزة والمستحقة لهذه التعويضات، ويتوخى مشروع قانون المالية إعطاء زخم جديد لدعم التشغيل، وستعمد الحكومة إلى مواصلة التدابير الموازية، التي تتوخى تسريع الأوراش المتعلقة بإصلاح الإدارة، وتبسيط المساطر، كما تتضمن كثيرا من “سوف” التي أوردنا فقط نماذج منها.
عندما يواجه المواطن الحكومة بغلاء الأسعار تواجهه بالأزمة المحلية والعالمية، أي جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، وهو جواب العاجزين وليس جواب الحكومة طبعا، حيث إن المواطن بدوره يعرف أن هناك جائحة كورونا وأن هناك حربا في أوكرانيا، ولكن ما يهمه هو الحلول لأزماته لا معرفة خلفيات الأزمة. المهم تبقى الأزمة دائما هي المبرر.
لكن عند الاطلاع على المذكرة التأطيرية، لا نرى أثرا للأزمة وكأنها غير موجودة، طبعا المذكرة لا يمكن أن تتجاوز الأزمة، لا من موقع المبرر ولكن من موقع البحث عن المخارج والحلول، غير أن المذكرة تم إعدادها على أساس أنه لا وجود لأزمة لا داخلية ولا دولية.
عند الحديث عن الغلاء تحضر الأزمة وعند الحديث عن المستقبل تتقدم لنا مذكرة رئيس الحكومة بكثير من الوعود، الشبيهة بتلك التي قدمها خلال الحملة الانتخابية، والتي تضمنت عشرات الوعود، ومنها وعود أعيدت صياغتها من جديد في المذكرة التأطيرية، والتي كان رشيد الطالبي العلمي، الذي يواجه دعوى قضائية بوصفه المغاربة بالمرضى، قد قال: إن لم نحققها ارمونا بالحجر.
ليس مهما أن يقدم أخنوش وعودا جديدة، لأننا عرفنا اليوم أنه سيخلفها، ولم يعد هو مهتما بالسمعة السياسية والانتخابية، ولكن ما يهمنا هو خطورة الوعود ليس على أخنوش وعشيرته وصحبه وحزبه وشركاته، ولكن على مؤسسات الدولة، التي تتلقى ضربات نتيجة اختباء الحكومة والوزارات وراءها.
لا نريد حكومة تختبئ وراء المؤسسة الملكية وجلالة الملك ولا وزارات كيفما كانت وكيفما تسمت أن تختبئ وراء المؤسسة الملكية بما فيها بعض الوزارات التي يُطلق عليها وزارات السيادة. على كل وزير ووزيرة تحمل مسؤوليتهما، التي يخولها لهما الدستور والقانون التنظيمي للحكومة وعلى رئيس الحكومة أن يتحمل مسؤوليته السياسية في التدبير نجاحا وفشلا، أما طريقته في إطلاق الوعود وعدم احترامها واختباؤه وراء المؤسسات فإنه يضر بالمؤسسات نفسها.
مذكرة تأطيرية أم دعاية للهروب؟
