Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مذهب الحكومة والنقابات في الحوار

الحوار آلية لضبط التوازنات الاجتماعية، لكنه عندنا أصبح هدفا. فالحكومة تفتخر لكونها تعقد جلسات حوار اجتماعي بغض النظر عن نتائجها، وبغض النظر عما إذا كانت في صالح المواطن، الذي يشتغل أم لا؟ والنقابات لم تعد مدافعة شرسة عن حقوق العمال ولكن أضحت أداة للترقي الاجتماعي، ولا يهمها أن تكون نتائج الحوار الاجتماعي عائدة بالفائدة على الموظفين أم لا؟
ومن أغرب ما رأينا أن النقابة، التي انفصلت تاريخيا عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بدعوى فصل النقابي عن السياسي، حتى أطلقوا عليها النقابة الخبزية، أي الاتحاد المغربي للشغل، أعلن زعيمها ميلودي الموخاريق الاتفاق مع عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، قبيل الانتخابات التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة، وهو اتفاق نادر الحدوث لأن النقابة همها دائما حماية حقوق الموظفين والعمال بأفق سياسي ولكن ليس بالانخراط الكلي في السياسة.
نقابات تسمى ذات تمثيلية، ما زالت تراوح مكانها وليست لها رؤى للقطاعات التي تشتغل فيها، وكل همها نفخ ملفات مطلبية، لتمر من تحتها ملفات غير مطلبية.
عمليا الحكومة تعتبر مدبرة للحوار الاجتماعي، لكنها مع الوقت تحولت إلى طرف في الحوار الاجتماعي فأصبحنا نسمع عن الحوار بين الحكومة والنقابات فيما يتعلق بالقطاع العام والحكومة والنقابات والباطرونا فيما يتعلق بالقطاع الخاص، ولكن في واقع الأمر الحكومة ليست طرفا، فحتى في القطاع العام، هي تدبر الشأن العام وتدبر المال العام من خلال إعادة توزيعه حسب الحاجة.
لكن الحكومة اليوم هي طرف قوي في الحوار مع القطاع العام، باعتبارها هي من تقرر في ذلك، وحتى مع القطاع الخاص، بعد أن أصبح رئيس “تجمع المصالح الكبرى” هو نفسه رئيس الحكومة، بمعنى أن دفاع أخنوش عن الباطرونا مهما تعددت الصفات والقبعات هو دفاع عن النفس أولا.
الحوار الاجتماعي بهذه المعايير تحول إلى هدف بمجرد انعقاده نكون قد أنهينا كل شيء، وعندما تغلق الحكومة باب الحوار الاجتماعي يغلي الشارع، وعندما تفتح الحوار الاجتماعي يهدأ الشارع حتى دون تحقيق أي مطلب من المطالب ولا أي هدف من الأهداف، لأن أطرافه أصبح لديهم “الحوار” هدفا.
في هذا الحوار يتكلم الجميع ولا يصغي أي طرف للآخر لأنهم يعرفون ما يريدون قبل الدخول، وفي كثير من الأحيان تتحول طاولات المفاوضات إلى مجرد جلسات شكلية لا تسمن ولا تغني من جوع بل تؤدي إلى الجوع وفي أحسن الأحوال يضحكون على الذقون بزيادات لا تكفي لشيء، فتصور الزيادة في معاش متقاعد من ألف درهم إلى ألف ومائة والزيادة في راتب موظف بمقدار لا يتجاوز 150 درهما، فلأي شيء تصلح هذه الزيادات؟
بهذا المنطق يمكن النظر للحوار الاجتماعي على أنه مجرد مسكنات لجحيم تغلي تحت السطح ولا يمكن الاستمرار في تسكينها دون معالجتها.

Exit mobile version