Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مسيرات احتجاجية بالأطلس ضد التهميش الحكومي

انتفضت ساكنة آيت بوكماز، إحدى المناطق الجبلية الواقعة في إقليم أزيلال، ضد تهميش الحكومة، و خرجت الساكنة في مسيرتها الاحتجاجية الكبرى في اتجاه مقر ولاية جهة بني ملال خنيفرة، سيرا على الأقدام، احتجاجا على استمرار التهميش والإقصاء، ورفضا لما وصفه المحتجون بـ”اللامبالاة الرسمية” تجاه مطالبهم الاجتماعية والتنموية البسيطة والمشروعة، و المئات من النساء والرجال، والشباب وحتى الأطفال، قطعوا في اليومين الماضيين عشرات الكيلومترات، متحدّين صعوبات التضاريس الجبلية وقساوة الطقس، مؤمنين بأن صوتهم يجب أن يصل، وبأن كرامتهم كمواطنين لا تقل عن كرامة ساكني المدن التي تعرف مشاريع تنموية كبرى، لاسيما في أفق احتضان المغرب لفعاليات كأس العالم 2030.

و قضى المحتجون ليلتهم الأولى في قرية آيت امحمد، حيث افترشوا الأرض والتحفوا السماء، في مشهد يلخص معاناتهم اليومية مع غياب البنيات التحتية الأساسية. لم يكن المبيت في العراء سوى تجسيد رمزي لمعاناتهم مع البرد القارس شتاءً، والعزلة القاتلة صيفًا، في منطقة تعتبر من أبرز رموز “المغرب المنسي”.

ورغم محاولات السلطات ثنيهم عن مواصلة المسير عبر تطويق الطرق وقطعها، لم يتراجع المحتجون، بل اتجهوا إلى تسلق الجبال، مرددين شعارات تؤكد سلمية تحركهم، وتمسكهم بالمطالب التي حملوها على أكتافهم وعلى اللافتات المرفوعة عاليا إلى بني ملال، عاصمة الجهة.

وأكدت الهيئات ان ساكنة آيت بوكماز لا تطالب بمشاريع ترف أو امتيازات، بل تطالب بأبسط الحقوق التي يكفلها الدستور المغربي، من تعليم وصحة وطرق وماء وكهرباء. وقد حدد المحتجون عشر مطالب أساسية، هي إصلاح وتوسعة الطريق الجهوية رقم 302 (تيزي نترغيست) والطريق 317 (آيت عباس)، وتوفير وسائل النقل، باعتبار ذلك أساس فك العزلة الجغرافية التي تحاصر المنطقة و توفير النقل المدرسي لمكافحة الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الفتيات و توفير طبيب قار بالمركز الصحي وتجهيزه بما يليق بكرامة الإنسان و تحسين الولوج للخدمات الصحية، وتقريبها من المواطنين، مع توفير سيارة إسعاف مجهزة و تغطية الدواوير بشبكة الهاتف والأنترنيت، لربطها بالعالم الخارجي و بناء ملاعب قرب وفضاءات للشباب، لضمان حقهم في الترفيه والتنمية الذاتية و فتح مركز للتكوين في المهن الجبلية، لخلق فرص شغل محلية تحترم خصوصيات المنطقة و بناء مدرسة جماعية، مع إعطاء الأولوية لتشجيع تمدرس الفتيات و بناء سدود تلية لحماية المنطقة من الفيضانات الموسمية التي تهدد الأراضي الفلاحية و ربط كافة الدواوير بشبكة الماء الصالح للشرب، كشرط أساسي لضمان العيش الكريم.
وتميزت المسيرة، إلى جانب سلميتها وتنظيمها المحكم، هو حضور الرموز الوطنية بقوة، حيث رفع المتظاهرون صور جلالة الملك محمد السادس، والأعلام الوطنية، في رسالة واضحة على تشبثهم بالمؤسسات، وعلى روحهم الوطنية العالية، مؤكدين أن تحركهم لا يهدف إلى التشويش أو التسييس، وإنما إلى انتزاع الحقوق المشروعة التي طال انتظارها.

العديد من الهيئات السياسية والحقوقية والمدنية أعلنت تضامنها مع ساكنة آيت بوكماز، على رأسها فرع فيدرالية اليسار بأزيلال، التي أصدرت بلاغًا وصفت فيه التحرك الشعبي بـ”انتفاضة ضد السياسات النيوليبرالية التي عمقت الفوارق المجالية والاجتماعية”، محمّلة المسؤولية للجهات المعنية على المستويين المحلي والمركزي، ومدينة ما أسمته بـ”منطق التسويف والمماطلة”.

و جدد الائتلاف المدني من أجل الجبل دعوته للدولة من أجل تفعيل التزاماتها الوطنية والدولية المرتبطة بتنمية المناطق الجبلية، وتوفير شروط العيش الكريم فيها، عبر إصدار قانون خاص بالمجالات الجبلية، يراعي هشاشتها الطبيعية ويعالج إشكالات التفاوت المجالي والمجتمعي.
و شدد المحتجون على ان رسالة ساكنة آيت بوكماز اليوم واضحة ومباشرة: “لسنا مواطنين من الدرجة الثانية”. مطالبهم لا تحتاج إلى لجان تقصي، ولا إلى دراسات استراتيجية كبرى، بقدر ما تحتاج إلى إرادة سياسية جادة، واستحضار مبادئ العدالة الاجتماعية والتوازن المجالي.

Exit mobile version